إزاله الإلتباس بين الإيجار والمقاولة في القانون المصري
التباس الإيجار بالمقاولة:
قد يلتبس الإيجار بالمقاولة في عقد شائع هو عقد المستهلك مع ملتزم المرافق العامة . فالعقد الذي يبرمه المستهلك مع شركة مياه النيل هل يعتبر عقد مقاولة واقعا على ما تقوم به الشركة من عمل في توصيل المياه للمستهلك ، أو هو عقد إيجار لمعدات الشركة التي تقوم بتوصيل المياه([1])؟ وسواء اعتبر العقد مقاولة أو إيجارا ، ففي الحالتين يكون عقدا مدنيا من عقود الإذعان يخضع للقواعد المدنية ، ويخضع بالأخص للعقد الإداري القائم بين جهة الإدارة وملتزم المرفق . ويبدو أن هذا هو مذهب التقنين المدني الحالي، فقد اعتبر هذا التقنين العقد مقاولة ( لا إيجارا ) يهيمن عليه العقد الإداري الذي تم بين جهة الإدارة المختصة وبين الفرد أو الشركة التي عهد إليها الاستغلال المرفق .
فنصت المادة 906 من المشروع التمهيدي – وهي التي أصبحت بعد تعديلها المادة 668 من التقنين المدني – على أن:
1-التزام المرافق العامة عقد إداري ، الغرض منه إدارة مرفق عام ذي صفة اقتصادية . ويكون هذا العقد بلين جهة الإدارة المختصة بتنظيم هذه المرافق وبين أفراد الشركة التي يعهد إليها باستغلال المرفق عدة من السنين .
2- ويكون هذا العقد الإداري هو المهيمن على ما يبرمه المقاول مع عملائه من عقود . فيوجب على الملزم أن يؤدي الخدمات التي يتكون منها هذا المرفق إلى العملاء الحاليين ومن يستنجد منهم ، لقاء ما يدفعونه من جعل تحدده قائمة الأسعار التي تقررها جهة الإدارة” . وهذا هو الرأي الذي يميل إلى الأخذ به رجال الفقه المدني ، أما رجال الفقه الإداري فينكرون على مركز المستهلك من ملتزم المرفق العام أن تكون له صفة تعاقدية ، ويذهبون إلى أن هذا المركز هو مركز قانوني منظم ( [situation règlementaire ) ([2) .
ما يسري المياه يسري على سائر المرافق العامة من نور وغاز وراديو وتليفزيون ونقل وما إلى ذلك .
وإذا حجز شخص محلا في أحد الملاعب ، فهل يعتبر العقد بينه وبين صاحب الملعب إيجارا فيكون للمحل الذي يحجزه ، أو هو عقد مقاولة يقع على ما يقوم به الملعب من وسائل التسلية للجمهور؟ الظاهر أنه عقد المقاولة ، لان العنصر الأساسي الذي وقع عليه التعاقد هو ما يقوم به الملعب من عمل .
والاتفاق مع إحدى الصحف على استئجار محل فيها للإعلان نظير مقابل معين ليس عقد مقاولة ، بل هو عقد إيجار . وإذا اتفق شخص مع مالك البناء على نشر إعلانات على حوائط البناء أو فوق سطحه ، وإن اقتصر على تمكين الشخص من إجراء الإعلان فالعقد إيجار .
——————————————————————————————————————————-[1] ^ ديفرجييه 3 فقرة 81-لوران 25 فقرة 63 – بودري وفال 1 فقرة 964 – عبد الفتاح عبد الباقي فقرة 44 ص 66 هامش 3 – وانظر في كل ما تقدم الإيجار المؤلف المؤلف فقرة 20 . وقد يخفق الإيجاز قرضا بربا فاحش ، كما إذا آجر شخص عينا بأجر بخس ، والفرق بين هذا الأجر والأجر الحقيقي هو الربا الفاحش ( استئناف مختلط 11 فبراير سنة 1936م 48 ص 116 ) .
[2] ^ وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية ( 31يوليه سنة 1883 داللوز 84-1- 245 ) إلى أن هذا العقد هو عقد بيع للمياه . ولا يعترض على ذلك بأن الماء مال مباح للجميع ، فإن الماء الذي تورده الشركة للمستهلك قد امتلكته بالحيازة ، إذ جمعته في خزانتها: وقطرته بما عندها من الآلات والمعادن الأخرى . وهي تبيعه بعد ذلك للمستهلكين بثمن يقدر مجازفة ، أو يحدد سعر معين بحسب كمية المياة التي تستهلك ، وفي هذه الحالة الأخيرة يكون الاشتراك “بالعداد” كما هو معروف . وإذ كان العقد بيعا ، وكانت المصروفات تسليم المبيع عل البائع لا عل الشاري ، ومن هذه المصروفات ما يدفع في تقدير الشيء المبيع بعد أو وزن أو كيل أو مقاس ، وجب القول بأن أجرة العداد تكون على البائع ، أي على شركة المياه ، ولكن شركات المياه جرت على أن أجرة العداد تكون عل البائع ، أي على شركة المياه ولكن شركات المياة جرت على أن تشترط في عقودها مع العملاء أن تكون أجرة العداد عليهم . أما العقود المتعلقة بالتليفون وما إليه فقد تختلف عما تقدم ، وذلك لأنها لا يمكن في هذه العقود أن نجد شيئا ماديا يستهلكه العميل – كما يستهلك الماء والنور والغاز – حتى نقول إنه اشتراه . وذلك يذهب القضاء والفقه في فرنسا إلى أن هذه العقود ليست عقود بيع ، بل هي عقود إيجار لآلات ومعدات التليفون ( باريس الاستئنافية 21 أبريل سنة 1887 سيريه 89-2-51- بوردي وفال 1 فقرة 28-هيك10 فقرة 334 ) . ويمكن القول بأن مركب ، يجمع بين الإيجار ويقع على الآلات والمعدات والمقاولة وتقع على عمل مصلحة التليفون ، فتطبق أحكام العقدين . وقد قضت محكمة ملوي بأن العقد الذي يتم بين مصلحة التليفون والعميل هو عقد إيجار يجمع بين استئجار المعدات ومجهود رجال المصلحة ، وهو بهذا خاضع لنظام التقادم الخمسي فتسقط المطالبة بقيمة الاشتراك إذا مضى على استحقاقه خمس سنوات ( ملوي 17 مايو سنة 1941 المجموعة الرسمية 42 رقم 271 ص 533 – انظر أيضا مصر الكلية الوطنية 3 أكتوبر سنة 1927 المحاماة 8 رقم 361 ص 260 ) . وانظر مسألة الإيجار للمؤلف فقرة 17- سليمان مرقس فقرة 5 وفقرة 28- منصور مصطفى منصور فقرة 141 .