هل يؤثر انقضاء الدعوى الجنائية على المطالبة بالحق المدني ؟
قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، اليوم، بعدم قبول الدعوى التي أقيمت طعنًا على نصي المادتين 16 و17 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950.
وأقامت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن المشرع الجنائى، وإن خوّل المدعى بالحقوق المدنية في بعض الجرائم التي يجوز فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبًا قانونيًّا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعي بالحقوق المدنية على دعواه المدنية، فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم في الدعوى المدنية التي يقيمها.
أما الشق الجنائي من الدعوى فينعقد الاختصاص بمباشرته حصرًا للنيابة العامة، دون المدعي بالحق المدني الذي لا يُعد طرفًا من أطراف الخصومة الجنائية التي انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته – باعتباره مدعيًا بالحقوق المدنية- في طلب تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء الجريمة التي اقترفها المتهم في الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق مباشرة الدعوى الجنائية أو المناضلة في الحقوق الإجرائية المرتبطة بها التي تباشرها النيابة العامة وحدها، وإنما يدخل فيها بصفته مضرورًا من الجريمة التي وقعت، طالبًا تعويضه مدنيًّا عن الضرر الذي لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها.
ووفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة، أن لكل من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية أسباب انقضاء خاصة بها، فأسباب انقضاء الدعوى الجنائية مقصورة عليها وحدها، ولا تأثير لها على انقضاء الدعوى المدنية، التي تنقضي كأصل عام بمضي المدة المقررة في القانون المدني.
وأكدت أن الدفع المبدئ من المدعى عليه الخامس – المدعى عليه في الدعوى الجنائية – بانقضاء الدعوى بمضي المدة عملا بحكم المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي 3 سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له من صلة بالدعوى المدنية، فلا تسقط تبعًا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر – وفقًا لما تقدم – أن التقادم في الدعوى الجنائية يُسقط حق الدولة في العقاب.
أما حق المدعى بالحقوق المدنية في التعويض فيظل قائمًا لا ينقضي إلا بانقضاء المدة المقررة لانقضاء الحقوق في القانون المدني على النحو الذي قررته المادة (172) منه.
ومن ثم فإن المركز القانونى للمدعى، باعتباره مدعيًا بالحق المدني – وهو ليس طرفًا من أطراف الدعوى الجنائية – لن يتغير حتى لو قُضي بعدم دستورية النصين المطعون فيهما، اللذين ينظمان وقف وانقطاع سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية، وبالتالي لا يكون للمدعي مصلحة في الطعن بعدم دستوريتهما، ما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.