توضيح دعوي وقف الخصومة وتوضيح أنواع الوقف
المقصود بوقف الخصومة :
يقصد بوقف الخصومة عدم السير في الخصومة فترة من الزمن لسبب أجنبي عن المركز القانوني للخصوم .
أنواع الوقف :
أجاز المشرع وقف الخصومة إما لاتفاق الخصوم أو لحكم من القضاء أو لنص القانون ، وتبعا لهذا يمكن تقسيم الوقف إلى ثلاثة أنواع :
أولا : الوقف الاتفاقي :
أجاز القانون للخصوم الاتفاق على وقف الخصومة مدة من الزمن قد يمكنهم خلالها تحقيق غرض مشروع كالصلح أو اللجوء للتحكيم .ولكن لم يشأ المشرع أن يجعل هذا الوقف أو مدته رهنا بإرادة الخصوم فقط وإنما حدد مدته وأخضعه لرقابة المحكمة ، إذ يشترط لهذا الوقف ما يأتي :
أتفاق جميع الخصوم على الوقف : فيجب أن يتفق المدعي والمدعي عليه على الوقف وإذا تعدد المدعون أو المدعي عليهم وجب اتفاقهم جميعا .
ألا تزيد مدة الوقف عن ثلاثة أشهر : وتبدأ هذه المدة من تاريخ إقرار المحكمة لاتفاق الخصوم ،الغرض من ذلك عدم إطالة مدة الوقف حتى لا تتراخى الخصومة ، فإذا اتفق الخصوم على مدة أطول وجب على المحكمة إنقاصها إلى ثلاثة أشهر .
أن تقر المحكمة اتفاق الخصوم : فوقف الخصومة لا يتحقق بمجرد اتفاق الخصوم وإنما يجب أن تقر المحكمة هذا الاتفاق فتراقب صحة هذا الاتفاق ومدى أهمية الوقف وجديته فقد ترفض المحكمة الوقف إذا رأت عدم صحة الاتفاق عليه لأي سبب من الأسباب كما لو كانت إرادة أحد الخصوم معدومة أو معيبة أو رأت أن الدعوى قد أصبحت مهيأة للفصل فيها وبالتالي يكون طلب وقف الخصوم غير مجد .
فإذا تحققت هذه الشروط ظل الوقف ساريا ولكن يجوز للخصوم الاتفاق على استئناف سير الخصومة ولو قبل انتهاء المدة المتفق عليها .فإذا انتهت المدة الوقف وجب على الخصوم طلب استئناف سيرها خلال مدة ثمانية أيام من انتهاء مدة الوقف و إلا اعتبر المدعي تاركا دعواه والمستأنف تاركا استئنافه .
ثانيا : الوقف القضائي:
يجوز أن يتحقق وقف الخصومة بحكم قضائي, وطبقا لما أورده المشرع في هذا الشأن فإن هذا الوقف إما أن يكون جزاء للمدعي على إهماله أو امتناعه وإما لتعليق الفصل في الدعوى الأصلية على الفصل في دعوى أخرى متفرعة عنها وعلى هذا يمكن تقسيم الوقف القضائي إلى وقف جزائي ووقف تعليقي :
أ – الوقف الجزائي : وهو الوقف الذي تحكم به المحكمة كجزاء على المدعي الذي يتسبب بإهماله أو بامتناعه في تعطيل الخصومة ، فقد أجاز المشرع للمحكمة أن تحكم على من يتخلف عن إيداع مستنداته أو عن القيام بأي إجراء من إجراءات المرافعات في الميعاد الذي حددته له المحكمة بأن تحكم عليه بالغرامة كما يجوز لها بدلا من الحكم على هذا المدعي بالغرامة أن تحكم بوقف الخصومة مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر بعد سماع أقوال المدعي عليه .وعلى هذا فإن توافر هذه الحالة من الوقف القضائي يفترض أن يكون المتسبب في تعطيل إجراءات الخصومة هو المدعي فلا تحكم المحكمة بالوقف إذا كان المتسبب في التعطيل هو المدعي عليه و إلا كان الوقف مكافأة وليس جزاء .ويشترط لصحة الحكم بالوقف ألا تقضي به المحكمة إلا بعد سماع أقوال المدعي عليه ولكن لا يعني هذا اشتراط موافقة المدعي عليه على الوقف وإنما مجرد سماع أقواله بشأنه وللمحكمة سلطة تقديرية في الأخذ بما يراه أو عدم الأخذ به .كما يجب ألا تزيد مدة الوقف الجزائي عن ثلاثة أشهر تبدأ من تاريخ الحكم به فإذا انتهت هذه المدة دون أن ينفذ المدعي ما أمرت المحكمة به جاز الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن .و يجوز الطعن في الحكم الصادر بالوقف الجزائي فور صدوره دون انتظار صدور الحكم المنهي للخصومة .
ب – الوقف التعليقي : يجوز للمحكمة أن تقرر وقف الخصومة إذا ظهرت أمامها مسألة أولية أي مسألة يتوقف الحكم في موضوع الخصومة على الحكم في هذه المسألة ويسمى هذا الوقف بالوقف التعليقي لأن المحكمة ترى تعليق الحكم في الخصومة على الحكم في المسألة الأولية .فيشترط للحكم بهذا الوقف شرطان :
الأول : أن يظهر أمام المحكمة مسألة أولية :أي مسألة يلزم حسمها أولا قبل الفصل في القضية, فلا محل لوقف الخصومة إذا كان يمكن للمحكمة الفصل في القضية بغير انتظار الفصل في المسألة الأولية .
الثاني : أن يكون الفصل في المسألة الأولية من اختصاص محكمة أخرى :سواء كانت هذه المحكمة تابعة للقضاء المدني أو الإداري أو الجنائي فإذا كانت المسألة الأولية تدخل في اختصاص ذات المحكمة التي تنظر القضية فإن هذه المحكمة لا توقف الخصومة ولكن تنظرها أثناء نظر القضية ,كما لا تنظر المحكمة الدعوى إذا كان من الممكن حل المسألة الأولية من أوراق الدعوى المعروضة على المحكمة .
ومن أمثلة المسائل الأولية : ادعاء الورثة بإنكار نسب مدعي الإرث إلى مورثه. والوقف في هذه الحالة ليس له مدة قصوى وإنما يستمر لحين فصل المحكمة التي أحيلت إليها المسألة الأولية في هذه المسألة ، فإذا فصلت فيها المحكمة زال سبب الوقف ومن ثم يقوم قلم الكتاب بتعجيل الخصومة كما يجوز للخصوم أيضا تعجيلها .
ثالثا : الوقف بقوة القانون :
ينص القانون على عدة حالات يؤدي توافر أي منها إلى وقف الخصومة ويتم هذا الوقف بتوافر حالة من حالاته بقوة القانون دون حاجة لاتفاق أو حكم يقرره وإذا صدر حكم بالوقف في هذه الحالة فإنه لا يعدو أن يكون حكما مقررا لما يوجبه القانون إذ يعتبر الوقف قائما منذ توافر سببه وليس من تاريخ الحكم به .
ومن أمثلة الوقف بقوة القانون ما أورده المشرع من أنه يترتب على تقديم طلب رد القاضي وقف الدعوى الأصلية إلى أن يحكم فيه نهائيا
وكذلك أيضا فإن رفع الدعوى الجنائية يترتب عليه وقف الدعوى المدنية المتعلقة بها لحين الفصل في الدعوى الجنائية
و أيضا فإن الدفع بعدم الدستورية.يترتب عليه وقف الدعوى لحين الفصل في دستورية النص الذي يحكمها.
آثار الوقف :
لا يؤدي الوقف إلى زوال الخصومة أو انتهائها ولكن تظل الخصومة الموقوفة قائمة ومنتجة لأثارها كما تظل الأعمال الإجرائية التي تمت فيها قبل الوقف صحيحة ولكن رغم قيام هذه الخصومة فإنها تكون في حالة ركود ، فلا يجوز أثناء وقفها اتخاذ أي إجراء فيها ، فإذا كان الوقف اتفاقياً فإنه لا يؤدي إلى التأثير على سريان أي ميعاد حكمي أي ميعاد حدده القانون لإجراء معين كميعاد الطعن في الأحكام …