لا يشترط ضبط المخدر مع المتهم لإدانته بتهمه إحراز مخدرات
أصدرت محكمة النقض حكماَ مهماَ عن إشكالية ضبط المخدر مع المتهم قالت فيه: «إنه لا يشترط ضبط المخدر مع المتهم لإدانته بتهمة إحراز المخدرات»، وذلك فيما يتعلق بتخلص المتهم من ما يحوزه من مخدر أثناء ضبطه كمحاولة للتهرب من جريمته.
صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 3041 لسنة 85 جلسة 2018/02/25، من دائرة الأحد «ب» برئاسة المستشار صلاح محمد أحمد، وعضوية المستشارين توفيق سليم، وأيمن شعيب، ومحمد فتحى، وأسامة عبد الرحمن أبو سليمة، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض أحمد الشناوى، وأمانة سر أحمد عبد الفتاح.
الحيثيات قالت أن للمحكمة القضاء بالبراءة متى تشككت فى صحة إسناد التهمة أو عدم كفاية أدلة الثبوت، وشرط ذلك ضبط المخدر فى حوزة المتهم غير لازم، ما دام كان ذلك مستفاداً من نتيجة التحليل، والقضاء ببراءة المطعون ضده فى جريمة إحراز مخدر بقصد التعاطي لاحتمال تعاطيه المخدر سلبياً بمخالطة آخرين ثم القضاء بإدانته فى جريمة قيادة مركبة تحت تأثير المخدر فيه تناقض يعيب الحكم ويوجب نقضه.
المبدأ وفقا لـ«حيثيات الحكم» – أنه لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى طبقاً لتصوير الاتهام لها برر قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بقصد التعاطي بقوله:«…. لما كانت المحكمة قد أنزلت العقوبة المقررة بنص المادة 76 من القانون رقم 121 لسنة 2008 على واقعة الدعوى بحسبان أن نصوص القانون الأخير هي الأكثر تحديداً والأوفق صلة وانطباقاً، ومن ثم لا يصح – من بعد – القول بأن ضبط المتهم وفقاً للصورة المطروحة يعد تلبساً بجريمة الإحراز لمخدر الحشيش وفقاً للقيد والوصف الوارد بأمر الإحالة وفى تاريخه إذ إن الإحراز هو الاستيلاء على الجوهر المخدر استيلاءً مادياً ينبئ عن وجوده فى حوزة محرزه ولو تناهى فى الصغر بحيث يكون له كيان مادى محسوس يمكن معه الاستحصال عليه واستبيان ماهيته.
ولما كان ذلك، وكان واقع الحال فى الدعوى أن تحليلاً أجرى للمتهم أورى إيجابية عينة البول لمخدر الحشيش، ومن ثم فإن ضبط المتهم على هذه الصورة وإن قامت به الجريمة المؤثمة بالمادة 76 من قانون المرور التي تلزمه الحيطة والامتناع عن القيادة تحت تأثير المخدر إلا أنها لا تكفى بذاتها لاعتباره محرزاً إحرازاً مادياً لجوهر الحشيش المخدر فى تاريخ وصف الاتهام لعدم ضبطه بحوزته ويبقى تصور احتمال أن يكون المتهم متعاطياً سلبياً للمخدر متى كان موجوداً بمكان احتراق دخان بين متعاطين دون أن يكون محرزاً أو حائزاً له وما تطرق إليه الاحتمال يفسد به الاستدلال وهو أمر يضحى معه القول بأن جوهر مخدر الحشيش ضبط بحوزة المتهم فى تاريخ وصف التهمة محل شك ولا يحيطه اليقين ولذلك لا ترى المحكمة فى دليل الثبوت فى الدعوى ما يرقى إلى مرتبة اليقين مما يسوغ معه إدانة المتهم بما نسب إليه فى البند (1) من أمر الإحالة، مما يتعين معه الحكم ببراءته مما أسند إليه فى هذه التهمة – بحسب «المحكمة».
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع وإن كان لها أن تقضى بالبراءة متى تتشكك فى صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت وأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضي وما يطمئن إليه، غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة، وأن تكون الأسباب التي تستند إليها فى قضائها من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وكان الحكم قد استدل على براءة المطعون ضده من تهمة إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي بأدلة لا تظاهر هذا الاستدلال على النحو المار ذكره.
لما هو مقرر من أن ضبط المخدر فى حوزة المتهم أمر غير لازم لإدانته طالما كان مستفاداً وبحكم اللزوم العقلي من نتيجة التحليل التي اطمأنت إليها المحكمة، هذا فضلاً عن أن المحكمة من بعد أن قضت بإدانة المطعون ضده عن تهمة قيادة مركبة تحت تأثير مخدر الحشيش عادت وقضت ببراءته عن تهمة إحرازه بقصد التعاطي، مما يكون معه الحكم قد اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى لا يفهم أيهما قد قصدته المحكمة سيما وأن ما أوردته سبباً للبراءة هو احتمالية أن يكون المطعون ضده متعاطياً سلبياً للمخدر لمخالطته آخرين يحرزونه هو أمر ينتفى به القصد الجنائي فى جريمة القيادة تحت تأثير المخدر أيضاً وهو الأمر الذى ينبئ بأن المحكمة أصدرت حكمها دون أن تحيط بواقعة الدعوى وبأدلتها وتمحصها، مما يعيبه ويوجب نقضه بالنسبة لهذه التهمة وما ارتبط بها من تهم أخرى والإعادة.