توضيح حصانة المحامي ضد الحبس والقبض.
كان ينظر الي المحامي حتي عهد قريب علي كونه مجرد وكيل للمتهم أو بالاحري الفم الناطق باسمه ولهذا كان طبيعي الا يتمتع المحامي بحقوق أو ضمانات الا تلك التي يكفلها الدستور والقانون للمتهم ذاته دون اكثر أو اقل.
ولكن بدأت الأذهان تتفتح الي أن دور المحامي جد خطير فهو فوق حرصه علي تمثيل المتهم ونقل وجهه نظره وبلورتها في اطار قانوني فإن له دور آخر يتمثل في حمايه حقوق الدفاع وإرساء منظومة العدالة وكفاله سياده القانون بحسبانه مستقل وفاهم للقانون واقدر الاشخاص في المجتمع المدني علي رقابه سلطات الدولة في تعاملها مع مواطنيها.
واذا كان الدور الأول يقتضي تمتع المحامي بذات حقوق المتهم فإن الدور الآخر يتطلب تمتعه بضمانات خاصه تمكنه من إنفاذ حكم القانون وكفاله حقوق الدفاع دون حرج أو خوف من تلفيق التهم بحسبانه احد اضلع منظومة العدالة .
ولهذا حرص دستور ٢٠١٤ في المادة ١٩٨علي النص بان ” المحاماة مهنه حره تشارك السلطة القضائيه في تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حقوق الدفاع كما ابان النص الدستوري تمتع المحامون اثناء تاديه حق الدفاع امام المحاكم وسلطتي التحقيق والاستدلال بالضمانات المقرره لهم قانونا.وحظر النص الدستوري في غير حاله التلبس القبض على المحامي أو حجزه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله علي النحو الذي يحدده القانون. “
ومقتضى النص الدستوري أن المشرع احاط المحامي بضمانات ضد الاجراءات الجنائيه إذ ما ارتكب نوعين من الجرائم الاول الجرائم التي تقع أثناء أداءه حق الدفاع والنوع الآخر الجرائم التي تقع ابان مباشرة حق الدفاع. واحال بشأن النوع الاول الي القانون وبين حكم النوع الثاني. ويحسن في عجاله ايضاح الفرق بين النوعين من الجرائم.
اما جرائم اداء حق الدفاع فيقصد بها الجرائم التي تقع من المحامي أمام المحكمة(راجع المواد 245 إجراءات و49 من قانون المحاماة) او النيابه العامة أو الشرطة حال قيامه بعمله المتمثل في ابداء الطلبات أو الدفاع وما يستلزمه ذلك من التمسك بالشرعية وارساء سيادة القانون ومقتض الحصانة عدم جواز القبض علي المحامي أو حجزه أو حبسه وانما فحسب تحرير مذكره وارسالها الي جهات الاختصاص بحسب الاحوال وتمتد هذه الحصانه الي أحوال التلبس بالجريمة لأن الفرض فيها مشاهده المحامي حال ارتكابها من الجهات المار ذكرها لحصولها في حضرتها
ومن أمثلتها جريمة اهانه المحكمة بسبب رفضها اثبات دفاع المحامي في محضر الجلسه أو احراز المحامي قطعه حشيش صغيره الحجم في مكان ظاهر في جيبه اثناء استجوابه للضابط لاختبار قوه ابصاره وملاحظته للتشكيك في الرواية المذكوره في محضر الضبط من رؤيته للمخدر في جيب المتهم حال استيقافه .أو سب وقذف عضو نيابة رفض السماح للمحامي بالاطلاع علي التحقيق قبل استجواب موكله المتهم أو التعدي علي ضابط شرطة رفض تحرير محضر للمحامي عن اصابه موكله وطرده من القسم.
واما جرائم مباشرة حق الدفاع فيقصد بها الجرائم التي تقع بسبب أو بمناسبة حق الدفاع ويتحقق ذلك في حالتين
الاولي :ان تكون هناك صله بين الجريمة وحق الدفاع مهما كان زمانها أو مكانها أو مداها
والحاله الثانيه :كون حق الدفاع قد ساعد علي وقوع الجريمة أو كون المحامي لم
يكن ليفكر في الجريمة أو يرتكبها لولا حق الدفاع.
وامثله هذه الجرائم مساهمة احد المحامين في تزوير عقد لصالح موكله لاستخدامه في دعوي مدنيه أو استعماله مخلصة يعلم بتزويرها بتقديها الي المحكمة أو النيابة العامة. ففي هذه الجرائم لا يجوز القبض علي المحامي وحبسه ما لم تكن الجريمة متلبسا بها. وهذا وجه فرق بين جرائم اداء حق الدفاع وجرائم مباشرة حق الدفاع.
وعلي الرغم من أن الدستور لم يذكر سوي حظر القبض والحجز الا أننا نعتقد امتداد الحصانة الي كافه إجراءات التحقيق التي تتخذ ضد المحامي كتفتيش مسكنه أو مكتبه أو رقابه محادثاته لاتحاد العله وهي كفاله حقوق الدفاع وامكان المحامي تحقيق موجبات العداله وارساء دعائم القانون دون خوف من خطر التلفيق أو الإتهام الكيدي.