سرقة المساكن والبناءات في ضوء القانون العراقي.
حيث ان هذه الاماكن تحوطها الاسوار ولا يمكن الدخول اليها الا من الطريق المعبدة للدخول او باستعمال وسيلة من الوسائل غير الاعتيادية كالكسر والتسور، وان اصحاب او ساكني هذه الاماكن لا يتركون الابواب والمنافذ مفتوحة.
لذا فأن ارتكاب مثل هذه الجرائم تتطلب قبل كل شيء اطلاع السارق على المكان الذي يريد سرقته اطلاعاً يختلف وسعاً باختلاف وسع المكان واهميته فيعمد السارق اولاً الى جمع هذه المعلومات الخاصة بالمكان او بما يحيطه ثانياً ويندر ان يقوم الجاني بارتكاب جريمة السرقة دون اطلاعه ابتداء وبنفسه لا على المكان فحسب بل على ما يحيط به،
لذا فان الجناة عادة يقومون بمحاولات عديدة للاطلاع على المكان، وهذا يدل على ان نية السارق متوافرة في فعله المادي، ومنهم من تصل به الجرأة لدخول المكان بطريق الحيلة والخداع كأن ينتحل صفة موظف عمومي تمكنه وظيفته من دخول الاماكن.
واذا ضاقت السبل امام السارق للتزود بالمعلومات والاطلاع فأنه يعمد الى استخدام اناس آخرين لهم علاقة في ذلك المكان كأن يتفق مع خادمة تعمل في البيت أو مع فلاح يعمل في حديقة الدار أو مع امرأة من ذوات المهن النسائية أو احدى المتصفات بالفقر والحاجة (متسولة)
وكذلك يذهب السراق الى أبعد من ذلك فيتخذ من العاملين في المكان شركاء لهم يسهلون عليهم الدخول دون عناء كأن تترك لهم الباب مفتوحة في الساعة المتفق عليها. وهؤلاء الشركاء وان صغرت ادوارهم يقدمون عوناً الى السارق.
والى جانب هذا النوع من الشركاء فأن السارق كثيراً ما يعمد الى دراسة المكان وتقدير اهمية الجريمة التي سيقدم على ارتكابها وتقديره بوجوب وجود اشخاص يمدونه بالعون والمساعدة ساعة ارتكاب الجريمة وهذه المساعدة تختلف بحسب الظروف والاحوال. فمن عين راصده ترصد حركات أهل الدار وخاصة القادمين اليه الى اشارة تنبيه الى السارق بحلول الخطر وضرورة الهروب والخروج من الدار.
وقد يقوم الشريك بدور أوسع من ذلك فيساهم مساهمة فعليه في تنفيذ جريمة السرقة أو يقوم بحماية ظهر السارق عند هروبه بالأموال المسروقة(1).بعد ان تكتمل دراسة السارق للمكان يقوم بتحديد كيفية الدخول اليه دون ان يغيب عن باله تحديد منافذ الخروج أو الهرب. ولذا يعمد الكثير من السراق الى استخدام الأدوات والوسائل التي تعينه على الدخول ككسر الأبواب والأقفال ورفع حواجز الشبابيك وكسر ابوابها او زجاجها. باستخدم قطعة نسيجية لاصقة ثبتها على زجاجة الشباك وكسرها بمطرقة لتلافي احداث صوت المطرقة اولاً وصوت سقوط الزجاج ثانياً.
وهناك كثير من الحالات ارتكب السراق جرائمهم دونما سبق علم بالمكان كأن يعمد السارق الى دخول المكان في اول الليل بعد الاستدلال على خلوة من ساكنيه من عدم وجود الضياء او بعد دق جرس الباب او مشاهدة أهل الدار عند خروجهم. ان السراق يختلف بعضهم عن البعض الآخر فمنهم المبتدئ ومنهم الممتهن ويتميز الممتهنون من غيرهم باتباع اساليب وطرق خاصة بهم تدل عليهم في كثير من الاحيان، فمستعمل المفاتيح المصطنعة هو غير مستعمل ادوات الكسر باستعمال العنف او آلات خاصة،
وهو يختلف كذلك عن السارق الذي يعمد الى قص أو رفع القضبان الحديدية عن الشبابيك، ومنهم من يسرق بطريقة تسلق الجدران والدخول الى الاماكن من درجاتها. وكذلك نجد ان منهم من يتخصص بسرقة النقود والحلى والمجوهرات، ومنهم من يكتفي بغطاء أو بكل ما صادفه ويذهب بعض آخر الى نقل كل ما هو موجود في ذلك المحل، ويعمد ايقاف احدى عربات النقل أمام الدار وكأن ساكنيه يريدون الانتقال الى دار آخر(2).
وفي جميع الحالات التي تحدث بها جريمة السرقة سواء أكان المال المسروق قليلاً أم كبيراً ، ثميناً أم زهيداً فأن الفعل الذي يقوم به السارق باستخدامه مختلف الطرق والأساليب لتحقيق هدفه وتحقيق النتيجة يجعله مسؤولاً عن جريمة سرقة تامة فضلاً عن ارتكابها في الليل أو بأكثر من شخص، او استخدام العنف والاكراه يكون مسؤولاً عن جريمة السرقة وظرفها المشدد لها بالقانون بموجب الفقرة الرابعة من المادة القانونية (440) ق.ع.ع.
——————————————————————————————
1- د. عبد الستار الجميلي ، التحقيق الجنائي ، قانون وفن ، ط1، مطبعة دار السلام ، بغداد ، 1973،ص 233.
2- للمزيد من المعلومات راجع ، عبد الحميد دريد ، ورياض داود ، التحقيق الجنائي الحديث ، الجزء الثاني ،مطبعة دار الام ، 1975 ص 196 و ما بعدها .