جريمة تزوير المستندات والفصل فيها أمام المحكمة المدنية.
المبادئ:
قانون الإثبات لسنة 1993م – تقرير تزوير المستند من اختصاص المحكمة المدنية – المادة 47(3) إثبات قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م – الجدول الثاني – قواعد إجراءات الطعن في المستند
– المادة 145من الجدول الثاني الملحق بقانون الإجراءات المدنية
1 – جري القضاء علي أن تقوم المحكمة المدنية بالتحقيق في دعوى التزوير وسماع الشهود وتقرير بطلان أي مستند يتحقق لها أنه مزور ولو لم يتقدم إدعاء بالتزوير بشأنه وذلك متي كان السند مقدماً في الدعوى
2 – القواعد التي تحكم إجراءات الطعن بالتزوير في الأوراق الرسمية والعرفية المنصوص عليها في الجدول الثاني الملحق بقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 وإن كان قد نص علي تطبيقها في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين إلا أن ذلك لا يمنع المحاكم المدنية من الاسترشاد بها في الحالات المماثلة التي تعرض عليها
رأي مخالف : إذا ما ثبت للمحكمة المدنية تزوير سند من السندات لقاضيها محاكمة الجاني إن كان مختصاً وإلا قام بإرسال السند المزور ومحضر التحقيق للمحكمة الجنائية لمحاكمة مرتكب الجريمة
تعليق: هذا الحكم جاء مناقضاً لحكم المحكمة العليا في الطعن م ع/ط م/621/1992 مجلة الأحكام القضائية (1992) صفحة 387 وذلك فيما يتعلق بإجراءات الطعن بالتزوير في المستندات
الحكم:
التاريـخ : 23 /3 / 1997م هذا طعن ضد القرار الصادر من محكمة استئناف ولاية الخرطوم تقدم به أمامنا الطاعن في 3/7/96 وقد تم قبول الطعن شكلاً وأتيحت الفرصة للمطعون ضده فتقدم برده تتلخص الوقائع في أن المطعون أقام الدعوى المدنية رقم 13/94 أمام محكمة الخرطوم شرق الجزئية حيث جاء في دعواه بأن الطاعن هو المالك المسجل للقطعة رقم 757 مربع 22 الجريف غرب حسب شهادة البحث المرفقة وأنه بتاريخ 2/6/1994م وبموجب عقد بيع موثق بالرقم 93/94 تنازل الطاعن عن القطعة محل النزاع والتزم بتعديل سجل القطعة إلي اسم المطعون ضده
إلا أنه فشل في ذلك لوجود حجز علي القطعة موقع من وكيل نيابة الخرطوم شمال بناء علي البلاغ رقم 10928/94 تحت المادة 178 من القانون الجنائي في الجلسة الأولي ظهر المدعي ومحاميه وظهر الأستاذ / محمود جمال يس عن الدفاع بحضور وكيل المدعي عليه وتقدم بمذكرة دفاع مكتوبة أقر فيها بدعوى المدعي عليه وأضاف بأن الحجز قد وقع بسبب فشل المدعي في سداد مبلغ اثنين مليون ومائتي ألف جنيه
وهنا عقب محامي المدعي علي الدفاع مطالباً بأخذ المطعون ضده باعترافه وأفاد بأن الأطراف توصلا إلي تسوية التمس تسجيل حكم رضائي بها وبنودها كالآتي :
1 – إلغاء الحجز الواقع علي القطعة 757 مربع 22 الجريف غرب
2 – تعديل سجل القطعة أعلاه من اسم المدعي عليه إلي اسم المدعي
3 – يلتزم المدعي بسداد مبلغ 2200000 جنيهاً إلي المدعي عليه في أو قبل 10 / 2 / 1995م
4 – ولا أمر بالرسوم والأتعاب وقد وافق محامي الدفاع علي إصدار حكم رضائي بموجب التسوية المشار إليها أعلاه
وقد صدر الحكم وفقاً لتلك البنود أعلاه وكان ذلك في الجلسة الأولي فــــي يوم 23/ يناير / 1995م بتاريخ 15/3/1995م تقدم الطاعن المدعي عليه في الدعوى باستئناف أمام المحكمة العامة الخرطوم شرق وقد جاء في استئنافه بأنه علم عن طريق الصدفة بالحكم الصادر في 11/3 / 1995م
وأنه لم يعلن إطلاقاً في هذه الدعوى وأنه لم يقم بإصدار توكيل للمدعو أحمد محمد إبراهيم من محكمة مدني الشرعية وأن التوكيل المشار إليه مزور وهو موضوع البلاغ 6083/94 نيابة الأراضي الخرطوم وأنه سبق أن قام المطعون ضده والوكيل بعرض الأرض محل النزاع للبيع بموجب التوكيل 1110/1994م وتم اكتشاف التزوير وتم فتح البلاغ وأن الحجز الموقع في البلاغ 10928/1994م تم بوساطة النيابة في توكيل مزور وارفق مع استئنافه خطاب من نيابة الأراضي موجه إلي قاضي جزئي الخرطوم شرق يفيد بتزوير التوكيل والبلاغ المفتوح للتحقيق فيه وطلب وطالب الطاعن بإلغاء الأمر الصادر من المحكمة الجزئية برفع الحجز عن القطعة محل النزاع والأمر بتقديم المطعون ضده للمحاكمة تقدم المطعون ضده بوساطة محاميه برده بأن التوكيل صحيح
ولم يثبت تزويره بحكم قضائي طالب بشطب الاستئناف واحتياطيا وقف السير في إجراءات الاستئناف حتى يتم إبراز حكم جنائي بتزوير التوكيل المعني هذا وقد عقب محامي الطاعن علي ذلك وقد أصدرت المحكمة العامة قرارها بأنه لا يمكنها الفصل في الاستئناف لأن إدعاء المستأنف بتزوير التوكيل الذي سجل به الحكم الرضائي لا يمكن حسم النزاع فيه إلاَّ بعد اتخاذ إجراءات بفتح بلاغ والفصل في الدعوى الجنائية المقامة بواقعة التزوير وأصدرت أمرها بإيقاف إجراءات الاستئناف لحين إيــداع الحكـم الرضائي المشار إليه في البند (1) استؤنف قرار المحكمة العامة أمام محكمة استئناف الخرطوم والتي بدورها أيدت حكم المحكمة العامة وأصدرت قرارها بشطب الاستئناف إيجازياً تقدم أمامنا الطاعن بطلبه هذا ضد قرار محكمة الاستئناف
وقد جاء في أسبابه أن القانون قد أوجب علي المحكمة المدعي التزوير أمامها أن تسير في إجراءات التزوير وأن المحكمة العامة أفادت بأنه ما لم يثبت التزوير فإنها لن تسير في إجراءات الاستئناف وأنها لم تسر في إجراءات التحقيق في الإدعاء بالتزوير أما قول المحكمة العامة بأن اتخاذ إجراءات التزوير أمامها سيكون مجابها أيضاً لهروب واختفاء الأطراف كما في الإجراءات الجنائية بأن ذلك مردود عليه بأن الإجراءات أمام المحاكم المدنية تختلف وهناك طرق بديلة للإعلان وأن الدعوى تثبت بأرجحية البينات وطالب بإلغاء حكمي المحكمة العامة ومحكمة الاستئناف وإعادة الأوراق للمحكمة العامــة للتحقيق فـي التزوير المدعي به أمامها أتيحت الفرصة للمطعون ضده وتقدم محاميه نيابة عنه بالرد علي أسباب الاستئناف
وقد جاء رده بأن محاكم الاستئناف ليست هي الجهة التي تبت في الطعن بالتزوير وأن قانون الإجراءات المدنية لا يلزم المحكمة بنظر الطعن بالتزوير والحالة الوحيدة التي يجوز فيها للمحاكم أن تجري التحقيق في صحة المستندات هي ما نص عليها في المادة 47 فقرة 31 من قانون الإثبات وأن تقرير التزوير يدخل في اختصاص المحاكم الجنائية وأن المحاكم المدنية إذا رأت أساساً معقولاً لتحريك الإجراءات الجنائية تعطي الإذن بذلك وطالب بشطب الطعن وتأييد قضاء محكمة الاستئناف باطلاعنا علي محضر إجراءات الدعوى والحكم الصادر من محكمة الموضوع والإجراءات التي تمت أمام المحكمة العامة بإدعاء الطاعن بتزوير التوكيل الذي تم به البيع وعدم حضور الطاعن أمام محكمة الموضوع لعدم إعلانه وعدم توكيله لأي شخص أو محامي لينوب عنه وقرار المحكمة العامة في ذلك الشأن و
قرار محكمة الاستئناف المؤيد له فإن قرار المحكمة العامة الذي أوقف السير في نظر الاستئناف حتى أن يتم إبراز حكم جنائي لها بتزوير التوكيل قد جانبه الصواب وخالف التطبيق الصحيح للقانون وما استقر عليه العمل القضائي منذ أمد بعيد فالشخص الذي يأتي إلي المحكمة المدنية ويطالب بإبطال عقد بيع لأن ذلك العقد وما ترتب عليه من آثار قد تم نتيجة تزوير لا توقف المحكمة المدنية دعواه وتطالبه باللجوء إلي المحكمة الجنائية ليأتي إليها بحكم جنائي بتزوير العقد لقد استقر العمل القضائي بأن تقوم المحكمة المدنية بالتحقيق في دعوى التزوير وسماع الشهود ويكون التحقيق بحضور الخصوم أو وكلائهم أو في غيبتهم بعد إعلانهم إعلاناً صحيحاً وتخلفهم عن الحضور
ويجوز للمحكمة المدنية أن تقرر بطلان أي سند يتحقق لها أنه مزور ولو لم تقدم لها دعوى بتزويره متي كان السند مقدماً إليها لإثبات الدعوى أو جزء منها وإذا ثبت أمام المحكمة المدنية تزوير سند من المستندات المقدمة أمامها لقاضيها أن يقوم بإرسال السند المزور ومحضر التحقيق الذي تم للمحكمة الجنائية لمحاكمة مرتكب التزوير إذا لم يكن هو مختصاً بمحاكمته بنفسه فالقواعد التي تحكم إجراءات الطعن في الأوراق الرسمية والعرفية والمنصوص عليها في الجدول الثاني الملحق بقانون الإجراءات المدنية وإن كان قد ذكر علي تطبيقها في قضايا الأحوال الشخصية للمسلمين
إلاَّ أن ذلك لا يمنع المحاكم المدنية من الاسترشاد بها في الحالات المماثلة التي تعرض عليها خاصة وأنه بعد الدمج القضائي للقسمين المدني والشرعي فإن هذه المحاكم تعمل في شكل دوائر بمجمعات المحاكم التابعة لها وقد يقوم القاضي الواحد بنظر قضايا مدنية وجنائية وشرعية فــــي ذات المجمع ووفقاً لهذه القواعد فإن الطعن بالتزوير يكون في أي حالة تكون عليها الدعوى ولو أمام المحاكم الاستئنافية أنظــر المادة 54 من الجـــدول الثاني الملحق بقانون الإجراءات المدنية سنة 1983م وبالنسبة لقانون الإثبات والذي يطبق في جميع المحاكم سواء كانت مدنية أو شرعية أو جنائيـــة فقد نص هـــذا القانــون ســواء في السابق أو المنطبق حالياً بأن يجوز للمحكمة أن تحكم من تلقاء نفسها بأن المستند مزورّ إذا ظهر لها ذلك من المستند أو ظروف الدعوى
ويجوز لها أن تأمر بالتحقيق في الإنكار والتزوير بالمضاهاة أو بسماع الشهود أو بكليهما وأن تقرر في صحة المستند بما تراه مناسباً ( أنظر المادة 47 من قانون الإثبات سنة 1993م ) هذه الإجراءات السابق الإشارة إليها كان ينبغي علي المحكمة العامة التي تقدم أمامها الطاعن باستئنافه بالطعن بالتزوير اتخاذها وفقاً لنص المادة 204 من قانون الإجراءات المدنية سنة 1983م وذلك بالتحقيق وتقديم البينة فيما يتعلق بالتزوير المدعي به
وبناء عليه اتخاذ قرارها فيما يتعلق بالحكم الصادر من محكمة الموضوع والذي أسس علي ذلك المستند المدعي بتزويره وبما أن حكم المحكمة العامة وقرارها قد خالف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب تدخلنا بإلغائه وإلغاء قرار محكمة الاستئناف المؤيد له وإصدار أمر بالسير في إجراءات التحقيق في التزوير بوساطة المحكمة العامة والفصل في الاستئناف المقدم أمامها وفقاً لما جاء في هذه المادة ولا أمر فيما يتعلق برسوم هذا الطعن ..