مدى صحة الإعتراف الصادر من المتهم في محضر الضبط.
هذا الاقرار الذى نسبه الضابط الى المتهم هو فى حقيقته اقرارا باطلا لان القبض على المتهم كان قبضا باطلا دون سند من القانون وان المتهم كان فى حوزة محرر المحضر وتحت سطوته فكل ما نسب الى المتهم هو محض تلفيق وحتى لو صح فقد كانت ارادة المتهم منعدمه تماما للقبض عليه وتعذيبه وللاكراة الذى وقع عليه وصارت ارادته منعدمه ويقول الاستاذ محمد فتحى فى كتابه – علم النفس الجنائى علما وعملا .
ان الارادة هى الحارس الامين الذى يحمى العقل من تسرب الافكار الاجنبيه وولوجها الى العقل فاذا نام ذلك الحارس او خضع لسلطان مؤثر من المؤثرات الشديدة ووقع فى اسرة تسللت الاوهام والتخيلات الى العقل واحدقت بالمواهب الفكريه الاخرى وواقعتها فى شراكها ، والخوف من أقوى العوامل التى تؤثر فى الارادة تأثيرا شديدا فيضعفها او يشل مفعولها ، ومن ذلك يتضح لنا سبب تأثر الشخص الخائف والمنزعج سواء الذاتى منه او الخارجى ، ولهذا يكون من السهل التغرير به وحمله على الاقرار .
ويضيف فى موضع اخر : –
والاقرار الكاذب ليس بدعه جديدة ولا هو من مخترعات الخيال ، بل حقيقه معروفه قديما وحديثا ، انما يجب التفرقه بين نوعين من الاقرار احدهما ان يكون المقر عالما بكذب إقرارة نفسيا والنوع الثانى ان يكون المقر معتقدا فى نفسه صحه الاقرار فالنوع الاول اسبابه كثيرة متنوعه واهمها الاقرار المأخوذ تحت تأثير القبض الباطل .
(والمتهم قرر امام النيابة العامة ان هناك قبضا باطلا وقع عليه حتى مثوله امام النيابه العامه للتحقيق )
اذ يعترف المتهم لمجرد التخلص من التهديد الذى هدده به ضابط الواقعة ومن القبض الباطل الذى وقع عليه … ومن بين العوامل التى تدفع المتهمين الى الاقرار الكاذب التغرير والتضليل والوعود التى لا يقصد منها سوى الخدعه وكذا التهديد والوعيد وغيرهما مما يكون شديد الاثر فى نفس المتهم نظرا لما تكون عليه حالته النفسيه من ضعف الشديد فى اثناء الاتهام وما اصبح عليه عقله من الحيرة والارتباك وضعف الارادة ، فالخوف او الرعب يحدث فى النفس حاله تشبه التنويم فى كثير من الوجوة ،كما انه من شأنه ان يحدث فلى الاعصاب المضطربة صدمه قد تبلغ من شدتها ان تحدث تفككا فى قوى العقل وانحلالا فى الروابط الفكرية ، فتتبعثر الذكريات ويختل نظامها ، وتشل الارادة ويفقد المرء ملكه التمييز فيعتقد العقل الخيالات والاوهام ويخالها حقائق ، سواء كان ذلك بطريق الايحاء الذاتي ام بما يوحى اليه من جانب غيرة .
– نخلص مما تقدم ان النزوع والانتباه والارادة والانفعال والفعل كلها مترابطة متماسكه اذ لايمكن الفصل بين ناحيه واخرى فى الانسان ويرى بعض علماء النفس انه تحت التأثير الخوف والالم قد يقر الشخص ضد نفسه بغير الحقيقه ، ولكن الاشد من ذلك خطورة انه تحت هذا التأثير قد يفقد التمييز بين الذكرى الحقيقيه ومجرد الوهم فأن الخوف الشديد يحدث انفصالا عقليا يجعل الانسان فى شبه حاله تنويم يكون معها قابلا للإيحاء الى درجه كبيرة بحيث يقر على نفسه بما يوحى اليه .
وفى حكم لمحكمه النقض تعرضت فيه لتعذيب المتهم عموما جاء فيه :
لامانع من وقوع أحدهم تحت طائلة نص المادة ۱۲٦ من قانون العقوبات إذا ما حدثته نفسه بتعذيب ذلك المتهم لحملة على الاعتراف أيا ما كان الباعث له على ذلك ، ولا وجه للتفرقة بين ما يدلى به المتهم فى محضر تحقيق تجريه سلطة التحقيق ، وما يدلى به فى محضر جمع الاستدلالات ، ما دام القاضي الجنائي غير مقيد بحسب الأصل بنوع معين من الدليل وله الحرية المطلقة فى استمداده من أى مصدر فى الدعوى يكون مقتنعا بصحته ، ولا محل للقول بأن الشارع قصد حماية نوع معين من الاعتراف لأن ذلك تكون تخصيصا بغير مخصص ولا يتسق مع إطلاق النص .
[ طعن رقم ۵۷۳۲ ، للسنة القضائية ٦۳ ، بجلسة 8/3/1195 ]
وفى حكم اخر لمحكمه النقض عن جريمة التعذيب
إن القانون لم يشترط لتوافر أركان جريمة تعذيب متهم بقصد حمله على الاعتراف المنصوص عليها فى المادة ۱۲٦ من قانون العقوبات، أن يكون التعذيب قد أدى إلى إصابة المجنى عليه، فمجرد إيثاق يديه خلف ظهره وتعليقه فى صيوان ورأسه مدلى لأسفل – وهو ما أثبته الحكم فى حق الطاعن من أقوال زوجة المجنى عليه – يعد تعذيباً ولو لم يتخلف عنه إصابات.
[ طعن رقم ۳۳۵۱ ، للسنة القضائية ۵٦ ، بجلسة ۰۵/۱۱/۱۹۸٦ ]