هيكل الحسابات المصرفية الإلكترونية في مصر.
في عرضنا لهذا النوع من الأعمال المصرفية فأننا سنأخذ نفس هيكل العرض الذى يعرض به النوع التقليدى من هذه الأعمال حتى يتسنى لنا معالجة مايتاح لنا من جوانب في هذا الشأن وتحويلها إلى النظام الإلكتروني، وتأسيساً على ذلك فأننا سنتبع النهج التالي في العرض([1]).
أولاً: سنفرق بين العميل العابر والعميل الدائم.
ثانياً: سنتناول القواعد العامة للحساب المصرفي أو مايطلق عليها حساب الودائع النقدية.
ثالثاُ: الحساب الجاري.
رابعاً: النقل أو التحويل المصرفي بإعتباره أداة لأنتقال النقود بين الحسابات.
وذلك سيتم على التفصيل التالي:-
أولاً: الفارق بين العميل العابر والعميل الدائم من حيث آلية التعامل مع البنك:
في حالة العميل العابر، نجد أن المعاملات في هذه الحالة تسوى فوراً ونقداً دون حاجة إلى فتح حساب للعميل. وذلك كما هو الحال في حالة الوفاء بقيمة شيك أو شراء أو بيع الأوراق المالية أو دفع كوبونات الأوراق المالية المستحقة أو شراء أو بيع عمله أجنبية([2]). كل هذه المعاملات ستتم عبر المجال الأفتراضي أي من خلال شبكة الأنترنت وبطريقة إلكترونية من خلال وسائل إلكترونية بين العميل والبنك ولكن مايجدر الأشارة إليه أنها تتم في اللحظة التى تسوى فيها المعاملة بين البنك والعميل بعكس العميل الآخر([3]).
– أما في حالة العميل الدائم: هو ذلك العميل الذى يقوم بعمليات متعددة ومتتابعة مع البنك من إيداع والحصول على إعتماد وغير ذلك، ويكون الحساب هو وسيلة تسوية المعاملات التى تقوم في العلاقة بين البنك والعميل بطريق القيد،حيث يكون هناك حساب مفتوح للعميل لدى البنك تقيد فيه المعاملات المتعددة([4]).
وذلك هو العميل الذى سنقوم بتفصيل آلية تعاملاته مع البنك في السياق التالي إن شاء الله عن طريق العديد من أنواع الحسابات المصرفية التالي عرضها.
ثانياً: الحساب البسيط (حساب الودائع النقدية ):
في هذا الشأن سنتحدث عن طريقة فتح الحساب، ثم بعد ذلك ستحدث عن طريقة تشغيله في النظام التقليدى ثم تحويله إلى النظام الإلكتروني.
1- فتح الحساب:
يوجد هذا الحساب بمجرد فتحه ويتم ذلك بمقتضي عقد يبرم بين البنك والعميل وهو عقد الحساب المصرفي. وسبب فتح هذا الحساب هو إيداع مبالغ نقدية لدى البنك بهدف تسوية العلاقات الناتجة عن هذه الوديعة النقدية. كان يتم فتح هذا الحساب في النظام التقليدى بمقتضي نموذج يقدمه البنك للعميل ليقوم بملاءه، أو بدون ذلك النموذج، وكان في الحالة الأولي أن الحساب قد قام صراحة، وفي الحالة الثانية يكون قد قام ضمناً([5]).
أما في النظام الإلكتروني فأنه سبق وأن ذكرنا أن فتح الحساب يتم بطريقة إلكترونية على موقع البنك على شبكة الأنترنت في أي وقت ومكانه([6])، وذلك عن طريق أن البنوك التى تستخدم النظام الإلكتروني في إدارة أعمالها المصرفية عن بعد، نقوم بتزويد العميل بمجموعة من البرامج سواء كانت بمقابل أو بدون مقابل، ويقوم ذلك العميل بتحميل تلك البرامج على جهاز الكمبيوتر الخاصة به،
ثم يقوم بإتمام معاملاته مع البنك عن بعد ويطلق على هذا النوع من البنوك، بنك الكومبيوتر الشخصي Personal Computer Bankوهو من أكثر أنواع البنوك المستخدمة للنظام الإلكتروني إنتشاراً في العمل المصرفي([7]).ويتم به عملية فتح الحساب وتشغيله سواء كان بإيداع النقود أو سحبها، ومن الجدير بالذكر أن النقود المقصودة هنا هي النقود الإلكترونية السابق الأشارة إليها في الفرع الأول.
2- تشغيل الحساب:
بعد أن يتم فتح الحساب بالطريقة السابقة يمكن تشغيله عن طريق قيد العمليات فيه من إيداع وسحب. وليس معنى ذلك أنه يشترط التشغيل الفعلى للحساب،بل يكفي أن يكون في إمكان العميل حق تشغيل الحساب قانوناً ونظرياً. وبعد ذلك يبدأ قيد العمليات التى تتم بين البنك والعميل. وقد يكون فتح الحساب مقترناً بإيداع مبلغ نقدى لدى البنك وقد لايكون كذلك.
ويتضمن الحساب جانبين جانب المدين وتقيد فيه العمليات التى تتمثل ديناً على العميل وحقاً للبنك، وجانب الدائن وتقيد فيه العمليات التى تمثل ديناً على البنك وحقاً للعميل([8]).
ويقوم العميل في النظام الإلكتروني بالاتصال بالبنك من أي مكان عن طريق الأنترنت، ويرد عليه البنك ممثلاً في جهاز الرد الآلي يستعلم من العميل عن أسمه والرقم السري P.I.N المخصص له من قبل البنك وبمجرد إدخال العميل لهذا الرقم يسمح للعميل بدخول البنك ويكون له بذلك أن يقوم بطلب كافة الخدمات التى يقدمها هذا البنك وإجراء كافة العمليات التى يرغب إجرائها على حسابه([9]).
ويتم العميل كل ذلك مستخدماً مايسمى ببطاقات السحب الآلي ATM وتعطى هذه البطاقة لصاحبها إمكانية سحب مبالغ نقدية من حسابه بحد أقصي متفق عليه بالآلية السابقة([10]).
وبالتالي يتمكن العميل من إتمام معاملاته مع البنك من خلال شبكة الأنترنت، في ثوان معدودة يجد العميل نفسه وقد أنهى مايريد من معاملاتة مع البنك،فيستطيع من خلال شبكة الأنترنت أن يدير حساباته، ويصدر أوامره للبنك كما لو كان يتعامل مع البنك بصورته التقليدية وجهاً لوجه. هناك نوع آخر من الحسابات المصرفية سيلي عرضه وهو الحساب الجاري.
ثالثاً: الحساب الجاري:
لن يختلف الحديث في شأن ذلك النوع من الحسابات عما سبق في الحسابات الأخري فيما يتعلق بطريقة فتحه إلكترونياً وتعامل العميل فية من خلال شبكة الأنترنت. فهو عبارة عن عقد يتم بين البنك والعميل يتفقا بمقتضاه أن يقيدا في الحساب مدفوعات متبادلة ومتداخلة الديون التى تنشأ عن العمليات بينهم وتتم تسوية واحدة لهذا الحساب عند قفله([11]).
القاعدة العامة أن العميل يلجأ للبنك لأجراء عدة عمليات متعددة متنوعة، فقد يطلب العميل قرضاً من البنك، أو يبرم معه عقد فتح إعتماد بمبلغ معين، مع تكليف البنك بتحصيل أوراق العميل التجارية. ويفضل العميل إدراج جميع هذه العمليات في حساب واحد يطلق عليه الحساب الجارى([12]).
ويتم إجراء هذه العمليات إلكترونيا بالآلية السابق الأشارة إليها، وبذلك يتحول الحساب الجاري إلى النظام الإلكتروني يتعامل العميل على حسابه باستخدام شبكة الأنترنت مستخدماً الرقم السري له كما سبق تفصيله.
وبذلك كون قد تعرضنا لبعض جوانب الحساب الجاري الداخلة في سياق بحثنا. نتعرض بعد ذلك لأهم صوره من صور الحسابات المصرفية.
رابعاً: النقل أو التحويل المصرفي:
في النظام التقليدي كان مؤداه هو إنتقال النقود من حساب لآخر بوسيلة فنية بمجرد قيد الحسابين دون أن يستلزم الأمر إنتقالا مادياً للنقود، وقد يكون ذلك بين حسابين مختلفين في بنك واحد،أو النقل بين حسابين مختلفين في بنكين مختلفين، النقل بين حسابين في بنك واحد لذات العميل، والنقل بين حسابين لشخص واحد لدى بنكين مختلفين([13]).
ولايختلف مفهوم التحويل المصرفي الإلكتروني عن النظام التقليدي، ولكن قد يشمل التحويل الإلكتروني بنكاً ثالثاً كوسيط لتسوية عملية التحويل([14]).
وما يجدر بنا الأشارة إليه أن التحويلات السابق الأشارة إليها يجب أن يسبقها إتفاقات إلكترونية بين أطرافها وذلك من خلال العقد الإلكتروني([15]).
ويعتبر نظام التحويلات المالية الإلكترونية من أهم أعمال البنوك التى تعمل عبر الأنترنت (On line Bank)، حيث يتيح هذا النظام نقل التحويلات المالية بطريقة إلكترونية آمنة من حساب بنكى إلى حساب بنكى آخر، بالأضافة لنقل المعلومات المتعلقة بهذه التحويلات([16]). كل هذه العمليات تتم إلكترونياً عبر أجهزة الكمبيوتر.
وقد يتم استخدام هذا النظام في المعاملات التجارية باستخدام مايسمى ببطاقات الوفاء Debit Cards. حيث يقوم حامل البطاقة بالدفع من خلال تحويل المبلغ المراد الوفاء به إلى الطرف الآخر سواء كان ذلك يتم بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة([17]).
ومن أشكال التحويلات المالية الإلكترونية شكلين:-
الأول: تبادل التحويلات المالية الإلكترونية المتعلقة ببطاقات الائتمان وتسوية حساباتها مع البنوك.
الثاني: دار المقاصة الآلية([18]). وهي ستكون موضع التفصيل في غضون الأسطر التالية. فعلى الرغم من تعقد عمليات نقل الأموال عبر الشبكة بهذه الطريقة الأخيرة.
إلا أن العديد من المؤسسات بدأت تعتمد عليها في تسوية أعمال التحويلات الائتمانية الإلكترونية وكذلك التحويلات المالية المتعلقة بأعمالها التى تبرمها عبر الشبكة. وقد ظهرت الأشكال المستخدمة لتلك الأنظمة في أوروبا([19]).
وتتم هذه التحويلات الإلكترونية عبر الهواتف، وأجهزة الكمبيوتر، وأجهزة المودم عوضاً عن الأوراق. أما عن آلية عملها فهي أنه. بعد أن يقوم العميل بتوقيع نموذجا معتمدا واحداً لمنفعة الجهة المستفيدة يتيح هذا النموذج أن تقوم هذه الأخيرة بإقتطاع القيمة المحددة من حساب العميل وفق ترتيب زمنى معين،
ويصلح هذا النموذج لأجراء أكثر من عملية تحويل. وفي الغالب يتعامل البنك والعميل مع وسطاء Mediatorsوظيفتهم توفير البرمجيات اللازمة ويمكن إيجاد العديد منهم على الأنترنت. وتتم عملية التحويل كاملة عبر شبكة الأنترنت بوسائل إلكترونية أمنة مع التأكد من كفاية رصيد العميل الذي يقوم بعملية التحويل لتغطية المبلغ المحول، وصحة توقيعه وقد يتم تنفيذ التحويلات المالية عبر دار المقاصة الآلية ACH دون المرور بوسيط([20]).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) أنظر، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات البنوك، المرجع السابق، ص426، بند 307.
([2]) أنظر، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، المرجع السابق، ص423، بند 306.
([3]) لمزيد من التفصيل، أنظر، د/ سعيد عبد الله الحامد، العمليات المصرفية الألكترونية والأطار الأشرافي، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، السابق الأشارة إليه، ص2390، ومايليها.
([4]) أنظر، د/ عبد الفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات البنوك، المرجع السابق، ص423، بند 306.
([5]) لمزيد من التفصيل أنظر، د/ فايز نعيم، القانون التجاري، المرجع السابق، ص424، بند32.
([6]) أنظر، د/ سعيد عبد الله الحامد، العمليات المصرفية الألكترونية، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص2390.
([7]) أنظر، د/ بلال عبدالمطلب بدوى، البنوك الألكترونية (ماهيتها – معاملاتها، المشاكل االتى تميزها)، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، المرجع السابق، ص1946.
([8]) أنظر، د/ فايز نعيم رضوان،القانون التجاري، المرجع السابق، ص421، بند30.
([9]) أنظر، أ/ منير محمد الجنبيهى، أ/ ممدوح محمد الجنبيهى، البنوك الألكترونية، المرجع السابق، ص13.
([10]) أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، المرجع السابق ن ص1957.
([11]) أنظر، د/ عبدالفضيل محمد أحمد، الأوراق التجارية وعمليات البنوك، المرجع السابق، ص444، بند 327.
([12]) أظر، د/ فايز نعيم رضوان، القانون التجاري، المرجع السابق، ص467، بند 78.
([13]) أنظر، د/ سميحه القليوبي، الأسس القانونية لعمليات البنوك،دار النهضة العربية، 1988، ص35. ومايلها.
([14]) ويحدث التحويل بهذه الصورة في حالة إذا لم يكن لدى البنك المحول وبنك المستفيد علاقة مصرفية مباشرة أو يكونا مشتركين في غرفة مقاصة واحدة يتم من خلالها تسوية حساباتهم، أنظر في ذلك، د/ بلال عبدالمطلب، البنوك الألكترونية (ماهيتها – معاملاتها – المشاكل التى تثيرها)، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقانون، السابق الأشارة إليه، ص1994.
([15]) لمزيد من التفصيل أنظر، نفس المرجع السابق، ص1965.
([16]) أنظر، أ/منير محمد الجنبيهى، أ/ممدوح محمد الجنبيهى، البنوك الألكترونية، المرجع السابق، ص36.
([17]) لمزيد من التفصيل أنظر، د/ بلال عبد المطلب بدوى، البنوك الألكترونية (ماهيتها،معاملاتها، المشاكل التى تثيرها)، مؤتمر الأعمال المصرفية الألكترونية بين الشريعة والقوانون،السابق الاشارة إليه، ص1956 ؛ د/ فياض ملقي القضاه، مسئولية البنوك الناتجة عن استخدام الكمبيوتر كوسيلة وفاء، المرجع السابق.
([18]) هي شبكة تعود ملكيتها وأحقية تشغيلها إلى البنوك المشتركة بنظام التحويلات المالية الألكترونية ومنذ عام 1978 أصبحت مؤسسة للتحويلات المالية الألكترونية،تتيح للشركات والمؤسسات تحصيل تحويلاتا المالية والألكترونية من خلالها وتتميز هذه الخدمة عن نظام التحويلات القديم بأنها أسرع وأقدرعلى معالجة مختلف خدمات التحويلات المالية. أنظر في ذلك، أ/ منير محمد الجنبيهى، أ/ ممدوح محمد الجنبيهى، البنوك الألكترونية،المرجع ال سابق، ص37.
([19]) أنظر،
S.Kidwell (Dav.), L. Peterso (Rich.), W.B. Lackwell (Dav.), Financial Institution Markets and Money, The drydenpress, 6ed, 2000, P.656.
([20]) لمزيد من التفصيل راجع، أ/منير محمد الجنبيهى، أ/ممدوح محمد الجنبيهى،البنوك الألكترونية، المرجع السابق، ص38، ومابعدها، Arthur (Lewis) Banking Law and Practice, 7ed, P.181. ؛