أحكام تفتيش سطح العقار ودخوله وفقا لقانون الإجراءات القانونية.
(1)للمنازل حرمة باعتبارها مستودع سر الإنسان وسكنه وقلعته ولقد حرص المشرع الدستوري في المادة 58 علي النص علي حظر دخولها أو تفتيشها ألا بأمر قضائي مسبب يبين المكان والغرض والتوقيت مع إطلاع من في المنزل علي الأمر والتنبيه عليهم عند الدخول.
وبين المشرع في المادة45 من قانون الإجراءات الجنائية الأحوال التي يصح فيها لرجال السلطة العامة دخول المنازل اذ نصت تلك المادة علي أن لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك.
“و وقد يقال وقد قيل فعلا أن الأماكن الخاصة تأخذ حكم المنزل ولهذا لأ يجوز دخولها أو تفتيشها ألا بأمر قضائي مسبب ولا يتغير الحل ولو كانت الجريمة في حاله تلبس إذ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية التي كانت تجيز لمامور الضبط القضائي في أحوال التلبس أن يفتش مسكن المتهم.
وهذا الراي صحيح إذ للاماكن الخاصة ولو لم تكن مسكن يقيم فيه الشخص حرمة مستفادة من دلالة نص المادة 91من قانون الاجراءات الجنائية التي جمعت بين المساكن والاماكن وحظرت تفتيشهما إلا بأمر قضائي مسبب إذ نصت تلك المادة علي أن تفتيش المنازل عمل من أعمال التحقيق
ولا يجوز الالتجاء إليه إلا بمقتضى أمر من قاضي التحقيق بناءً على اتهام موجه إلى شخص يقيم في المنزل المراد تفتيشه بارتكاب جناية أو جنحة أو باشتراكه في ارتكابها أو إذا وجدت قرائن تدل على أنه حائز لأشياء تتعلق بالجريمة.ولقاضي التحقيق أن يفتش أي مكان ويضبط فيه الأوراق والأسلحة وكل ما يحتمل أنه استعمل في ارتكاب الجريمة أو نتج عنها أو وقعت عليه وكل ما يفيد في كشف الحقيقة.وفي جميع الأحوال يجب أن يكون أمر التفتيش مسبباً”
(2)ويذهب جمهور الفقه علي اعتبار سطح العقار من ملحقات المنزل ويذهب راي آخر الي اعتباره مكان خاص. وعرض الأمر علي محكمة النقض ورأت أن سطح العقار يعتبر مكان خاص أو مسكن حسب اقامة الشخص فيه وأن حكم محكمة الجنايات المطعون فيه جاء معيبا لأنه لم يبين ما إذا كان سطح العقار يقيم فيه المتهم من عدمة ورغم ذلك سوغ الضبط والتفتيش دون إذن قضائي مسبب.
وذلك في واقعة كان رجل الضبط القضائي قد وردت اليه معلومات مفادها قيام المتهمين بحيازة كمية من نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أعلى سطح العقار الكائن …. بدائرة القسم فانتقل لمكان تواجدهم فأبصرهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش المخدر ثبت معملياً أنها لنبات الحشيش القنب فدفع المتهمين ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس غير أن محكمة الجنايات اهدرت الدفع
وقضت بالإدانة وردت عليه بأن المحكمة تطمئن إلى أقوال ضابط الواقعة النقيب …. من أنه أبصر المتهمين وهم يفترشون سطح العقار وبحوزتهم كمية كبيرة من نبات الحشيش – القنب – المخدر ومن ثم تتوافر حالة التلبس في الواقعة ويكون القبض والتفتيش قد صدر صحيحاً لتوافر حالة التلبس ويكون ما تساند عليه الدفاع غير سديد يستوجب الالتفات عنه .
وحين طعن بالنقض في الحكم قالت النقض ان المادة ٤٥ من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه : ” لا يجوز لرجال السلطة الدخول في أي محل مسكون إلا في الأحوال المبينة في القانون ، أو في حالة طلب المساعدة من الداخل أو في حالة الحريق أو الغرق أو ما شابه ذلك ” ،
وكانت حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه ، فإن مدلول المسكن إنما يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة ، فهو كل مكان يقيم به الشخص بصفة دائمة أو مؤقتة وينصرف إلى توابعه ، كما يمتد إلى الأماكن الخاصة التي يقيم فيها طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعاً لسره ويستطيع أن يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه ، ولا يجوز لمأمور الضبط أو رجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه ، وكان من المقرر أن دخول المنازل في غير هذه الأحوال هو أمر محظور بذاته يترتب عليه بطلان التفتيش ،
وقد رسم القانون للقيام بتفتيش المنازل حدوداً وشروطاً لا يصح إلا بتحققها وجعل التفتيش متضمناً ركنين أولهما دخول المسكن وثانيهما التفتيش أو البحث عن الأشياء التي تفيد في كشف الحقيقة ، وأن الضمانات التي حددها المشرع تنسحب على الركنين معاً بدرجة واحدة ،
ذلك بأن تفتيش الأماكن الخاصة يقوم على جملة أعمال متعاقبة في مجراها وتبدأ بدخول مأمور الضبط القضائي في المكان المسكون المراد دخوله وتفتيشه ويوجب الشارع في هذه الأعمال المتعاقبة منذ بدايتها إلى نهاية أمرها أن تتقيد بالقيود التي جعلها الشارع شرطاً لصحة التفتيش”ثم استطردت محكمة النقض وقالت “هذا إلى أن مأمور الضبط القضائي يتعين أن تكون مشاهدته لحالة التلبس قد تمت دون افتئات على حرية الأفراد فلا تكون نتيجة تسور غير مشروع أو تسلل على غير إرادة خالصة من جانب صاحب المكان أو ما إلى ذلك في غير الأحوال التي يجيزها القانون طبقاً لنص المادة ٤٥ سالفة البيان ،
وكان من المقرر أن تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمر موكول إلى تقدير محكمة الموضوع ، إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إدانة الطاعنين بعد أن اطرح دفعهم ببطلان القبض والتفتيش وتوافر حالة التلبس في حقهم دون أن يبين طبيعة العقار محل الضبط وعما إذ كان هذا المكان محل مسكون من عدمه وكيفية دخوله ذلك المكان وعما إذ كان دخوله في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه
إذ وردت عباراته في هذا الخصوص – سواء في إيراده لواقعة الدعوى وأقوال ضابطها ” شاهد الإثبات ” أو في معرض رده على الدفع ببطلان الضبط والتفتيش لانتفاء حالة التلبس على النحو سالف البيان عامة مجملة لا يبين منها ما إذا كانت مشاهدة مأمور الضبط القضائي لحالة التلبس مشروعة ووفق أحكام القانون أم لا ، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم
(الطعن رقم ٩٤٨٧ لسنة ٨٧ قضائيةالدوائر الجنائية – جلسة ٢٠١٩/١٠/١٩)
(3)وهذا القضاء صحيح بوجه عام إلا أنه في حاجه الي الضبط والتحديد ذلك أن كون سطح العقار لا يقيم فيه الشخص لا يسقط حرمته فهو ولئن لم يكن مسكن إلا أنه مكان خاص له حرمة توازي حرمة المساكن طبقا لدلالة المادة 91 من قانون. كما أنه حتي في احوال التلبس لا يجوز تفتيش الاماكن الخاصة وبالتالي لم يكن صائب أن تستطرد النقض الي شروط الكشف عن حالة التلبس ولزوم أن تكون المشاهدة قد جاءت بوسيلة مشروعة إذ حتي ولو توافرت شروط التلبس لا يجوز دخول الاماكن الخاصة وتفتيشها وإنما يلزم دوما امر قضائي مسبب وفقا للمادة 91 اجراءات.
ولقد سبق لمحكمة النقض ذاتها أن قررت هذا النظر إذ قضت بأن استراحة الممرضين في الوحدة الصحية تعتبر في حكم المسكن لا يجوز لمامور الضبط القضائي دخولها ولو توافرت حاله التلبس إذ يلزم دوما أمر قضائي مسبب بالدخول وقالت في ذلك أنه لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع الطاعنين دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وأسس دفعه على أن الاستراحة سكن خاص للممرضين وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله
” إن الضابط شاهد الواقعة تلقى بلاغاً من الطبيب المسئول عن الوحدة الصحية بقرية ……. حيث توجه على أثر البلاغ على رأس القوة من الشرطة السرية إلى الوحدة الصحية حيث تقابل مع الطبيب الذى دله على مكان البلاغ استراحة الممرضين والمسعفين حيث صعد واشتم رائحة المخدر الذى تشبه رائحة البانجو المحترق وأنه شاهد المتهمين بداخل الاستراحة وبجوارهم المواد المخدرة وبمواجهتهم أقروا 2 – لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع الطاعنين دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير إذن من النيابة العامة وأسس دفعه على أن الاستراحة سكن خاص للممرضين وقد رد الحكم على هذا الدفع بقوله “
إن الضابط شاهد الواقعة تلقى بلاغاً من الطبيب المسئول عن الوحدة الصحية بقرية ……. حيث توجه على أثر البلاغ على رأس القوة من الشرطة السرية إلى الوحدة الصحية حيث تقابل مع الطبيب الذى دله على مكان البلاغ استراحة الممرضين والمسعفين حيث صعد واشتم رائحة المخدر الذى تشبه رائحة البانجو المحترق وأنه شاهد المتهمين بداخل الاستراحة وبجوارهم المواد المخدرة وبمواجهتهم أقروا إحرازهم المواد المخدرة بقصد التعاطى فإن ذلك الإجراء هو حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش ومن ثم فإن ما قام به الضابط هو إجراء سليم لا يترتب عليه البطلان ويكون ما تساند عليه الدفاع في ذلك غير سديد ” .
لما كان ذلك ، وكانت حرمة المسكن إنما تستمد من حرمة الحياة الخاصة لصاحبه ، فإن مدلول المسكن إنما يتحدد في ضوء ارتباط المسكن بحياة صاحبه الخاصة ، فهو كل مكان يقيم به الشخص بصفة دائمة أو مؤقته طالما أنه في حيازة صاحبه يقيم فيه ولو لبعض الوقت ويرتبط به ويجعله مستودعاً لسره ويستطيع أن يمنع الغير من الدخول إليه إلا بإذنه ولا يجوز لمأمور الضبط أو رجال السلطة العامة دخوله إلا في الأحوال المبينة في القانون وبالكيفية المنصوص عليها فيه ,
وكان من المبادئ المقررة أن دخول المنازل في غير هذه الأحوال هو أمر محظور يفضى بذاته إلى بطلان التفتيش وقد رسم القانون للقيام بتفتيش المنازل حدوداً وشروطاً لا يصح إلا بتحققها وجعل التفتيش متضمناً ركنين أولهما دخول المسكن وثانيهما التفتيش أو البحث عن الأشياء التى تفيد في كشف الحقيقة، وأن الضمانات التى حددها المشرع تنسحب على الركنين معاً بدرجة واحدة ،
ذلك بأن تفتيش الأماكن الخاصة يقوم على جملة أعمال متعاقبة في مجراها وتبدأ بدخول مأمور الضبط القضائي في المكان المسكون المراد دخوله وتفتيشه ويوجب الشارع في هذه الأعمال المتعاقبة منذ بدايتها إلى نهاية أمرها أن تتقيد بالقيود التى جعلها الشارع شرطاً لصحة التفتيش , ومن ثم إذا كان مأمور الضبط القضائي الذى دخل سكن الممرضين والمسعفين غير مأذون من سلطة التحقيق أو غير مرخص له من الشارع بدخوله في الأحوال المخصوصة بالنص عليها بطل دخوله وبطل معه كافة ما لحق بهذا الدخول من أعمال الضبط والتفتيش ,
وإذ ما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر في الرد على الدفع المشار إليه فإنه يكون معيباً فضلاً عن قصوره في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة للطاعنين من الثانى حتى الخامس وكذلك بالنسبة للطاعن الأول لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقى أوجه الطعن .
(الطعن رقم 1341 لسنة 75 جلسة 2012/10/20 س 63 ).