حكم قضائي مصري في شروط عدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري
دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار
الدائرة السابعة
الحكم الصادر بجلسة 23 / 5 / 2015 م
في الدعوى رقم 27009 لسـنة 67 ق
المقامة من /
” السيد عيسى أحمد محمد ” بصفته رئيس مجلس الإدارة ومدير وشريك بشركة سفينة تورز ” .
ضــــــد /
وزير السياحة – بصفته –
رئيس هيئة تنشيط السياحة ……………………….. – بصفته –
رئيس غرفة شركات السياحة ووكالات السفر ………..– بصفته –
الوقـائع
أقام المدعى – بصفته – دعواه الماثلة بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 17/2/2013، وطلب في ختامها الحكم ” أولاً : بقبول الدعوى شكلاً ، ثانياً : بإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للشركة التى يمثلها المدعى مبلغ وقدره ستين ألف دولار أمريكى قيمة التبرع المسدد كمساهمة فى صندوق تنشيط السياحة مع إلزام جهة الإدارة المصروفات ” .
وذكرالمدعي – بصفته – شرحاً لدعواه ، أنه تقدم بطلب لوزير السياحة للموافقة على تأسيس شركة سياحة عامة فقرة ( أ ) وقد وافق الوزير على تأسيس الشركة ، ثم إستوفى المدعى كافة الأوراق والمستندات اللازمة ، ولكن جهة الإدارة رفضت إستلام الأوراق معللة ذلك بضرورة التبرع لصالح صندوق تنشيط السياحة بمبلغ ستين ألف دولار أمريكى ، وقد إضطر المدعى لسداد ذلك المبلغ حتى يحصل على ترخيص مزاولة النشاط وقد حاول إسترداد ذلك المبلغ دون جدوى ، لذا أقام دعواه الماثلة بالطلبات سالفة البيان .
وقد جرى نظر الدعوى بهيئة مفوضى الدولة على النحو الموضح بمحاضر جلساتها ، حيث أعدت الهيئة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ، خلصت فيه لطلب الحكم ” بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، وإلزام المدعين المصروفات ” .
وقد تدوول نظر الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبتاريخ 12/4/2014 قدم الحاضر عن المدعى – بصفته – توكيلاً خاصاً بترك الخصومة في الدعوى ، وبجلسة 28/2/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 18 /4/2015 ، وفيها قررت المحكمة مد ألأجل النطق بالحكم لجلسة اليوم للمداولة ، ثم صدر الحكم ، وأودعت مسودته المشتملة على منطوقة وأسبابه لدى النطق به 0
المحكمة
بعد الإطلاع على الأ وراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة قانوناً 0
وحيث أن المدعي – بصفته – يهدف من دعواه للحكم ” بقبول الدعوى شكلاً ، وبإلغاء قرار وزارة السياحة بالإمتناع عن رد مبلغ ستون ألف دولار أمريكى قيمة التبرع الذي دفعه كمساهمة في جهود التنشيط السياحي ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات “.
وحيث أنه عن الدفع المبدي من قبل الحاضر عن غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة المدعى عليها الثالثة بجلسة 23/12/2013 بشأن عدم قبول الدعوي لسابقة الفصل فيها بحكم محكمة القضاء الإدارى – الدائرة السابعة – فى الدعوي رقم54108لسنة65ق – الصادر بجلسة 25/8/2012، فإن المادة 52 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 تنص على أن ” تسرى في شأن جميع الأحكام القواعد الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة “.
وتنص المادة (116) من قانون المرافعات على أن ” الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها ” .
ومن حيث أن المادة (101) من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25لسنة 1968 تنص على أن ” الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه الحجية ، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون إن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسببآ ، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها ” .
ومن حيث أن المحكمة الإدارية العليا قد إستقرت فى تفسيرها لهذه المادة على أن ” ثمة شروط يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي ، وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين ، قسم يتعلق بالحكم وهو أن يكون حكماً قضائياً ، وأن يكون حكماً قطعياً ، وأن يكون التمسك بالحجية فى منطوق الحكم لا فى أسبابه ، إلا إذا إرتبطت الأسباب إرتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب ، وقسم يتعلق بالحق المدعى به ، فيشترط أن يكون هناك إتحاد فى الخصوم ، وإتحاد فى المحل ، وإتحاد فى السبب.
} المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 260 لسنة 23 ق – جلسة 29/5/1979 { .
ومن حيث أن المستفاد مما تقدم ، أنه يشترط للحكم بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إتحاد الخصوم والمحل والسبب ، وإذا توافرت هذه الشروط ، فإن للمحكمة أن تقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها من تلقاء نفسها .
حكم المحكمة الإدارية العليا- في الطعن رقم255/31ق جلسة8/5/1990والطعن رقم452/28ق جلسة3/3/1991م0
ومن حيث أن القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها منوط بتوافر شروط المادة (101) من قانون الإثبات بأن يكون الحكم المعول على حجيته صادراً من جهة قضائية مختصة بالفصل في النزاع حتى يمتنع على الجهات القضائية الأخرى نظره مرة أخرى تحقيقاً لما إستهدفه المشرع من تقرير الحجية لهذه الأحكام لحسم النزاع ومنع التضارب بين الأحكام لتعارضها ، ولا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلاً وسبباً ، ومتى ثبتت هذه الحجية فلا يجوز قبول دليل ينقضها ، وللمحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها (حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4095لسنة 38ق جلسة 10/12/1994 ) .
وقد إستقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن ثمة شروطاً يلزم توافرها لجواز قبول الدفع بحجية الأمر المقضي , وهذه الشروط كما يبين من المقارنة بين صدر النص وعجزه تنقسم إلى قسمين : قسم يتعلق بالحكم : حيث يشترط لإعتبار الحكم حائزاً حجية الأمر المقضي أن تتوافر فيه الشروط الآتية :
أولاً : أن يكون صادراً من جهة قضائية ومفهوم الجهة القضائية ليس قاصراً على المحاكم فحسب ، وإنما يدخل في مدلولها أي جهة لها ولاية القضاء بمقتضى القانون.
ثانيا: أن يكون لهذه الجهة ولاية في إصدار الحكم بموجب سلطتها أو وظيفتها القضائية لا سلطتها أو وظيفتها الولائية.
ثالثاً : أن يكون الحكم قطعياً أي يكون قد فصل في موضوع النزاع سواء في جملته أو في جزء منه أو في مسألة متفرعة عنه فصلاً حاسماً لا رجوع فيه من جانب الجهة التي أصدرته, وذلك بعد أن تكون قد تناولت موضوع النزاع أو المسألة التي أصدرت فيها حكمها بالموازنة بين حجج الخصوم وأوجه دفاعهم ورجحت كفة أحد طرفي الخصومة على الآخر بحيث يمكن القول أن هذا الحكم قد فصل في موضوع النزاع أو حسمه حسماً باتاً لا رجوع لـه فيه , وذلك دون إخلال بحق الخصوم في الطعن على الحكم بالطرق المقررة قانوناً , على أن يكون التمسك بالحجية في منطوق الحكم لا في أسبابه إلا إذا إرتبطت الأسباب إرتباطاً وثيقاً بالمنطوق بحيث لا يقوم المنطوق بدون هذه الأسباب.
والقسم الثاني: يتعلق بالحق المدعى به فيشترط فيه الآتي: أولاً: أن يكون هناك اتحاد في الخصوم: و يقصد بهذا الشرط إتحاد الخصوم بصفاتهم وليس بأشخاصهم , حيث إن حجية الأحكام قاصرة على طرفي الخصومة فيها حقيقة أو حكماً دون أن تتغير صفات الذين كان النزاع قائماً بينهم ففصلت فيه المحكمة لصالح أيهما .
ثانياً : أن يكون هناك إتحاد في المحل : والمقصود بوحـدة المحل أو الموضوع هو الحق الذي يطالب الخصم القضاء لـه به أو المصلحة التي يستهدفها من وراء رفع دعواه , وعلى ذلك تتحقق وحدة المحل في الدعويين إذا كان موضوع الدعوى الأولى الذي حسمه الحكم السابق هو نفسه موضوع الدعوى الثانية المطروحة على المحكمة أى يجب أن تكون المسألة المقضي فيها هى الأساس المشترك في الدعويين .
ثالثاً : أن يكون هناك اتحاد في السبب : والمقصود بسبب الدعوى هو المصدر القانوني للحق المدعى به فقد يكون عقداً أو إرادة منفردة أو فعلاً غير مشروع أو إثراء بلا سبب أو نصاً في القانون .
ومن حيث إنه من المبادئ المقررة أن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها أحد الدفوع الشكلية الجوهرية التي تتصل إتصالاً وثيقاً بمبدأ حجية الأحكام القضائية ويقترن بأحد طرق الإثبات وهو ” القرائن ” ويسمى بقرينة الأمر المقضي المنصوص عليها في المادة 101/1 من قانون الإثبات سالف الذكر, حيث إعتبر المشرع حجية الأمر المقضي قرينة قانونية قاطعة مؤداها مطابقة الحقيقة القضائية للحقيقة الواقعية إلا أن مناط حجية الحكم المانعة من إعادة طرح النزاع فى ذات المسألة المقضي فيها أن يكون الحكم قد فصل في النزاع المطروح بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية بعد أن تناقش فيه الطرفان , وإستقرت حقيقته بينهما بهذا الحكم إستقراراً مانعاً من إعادة طرحه من جديد في أي دعوى تالية محلها أي حقوق متفرعة من هذه المسألة المشتركة بين الدعويين أو مترتبة عليها , والبت فيه بحكم ثان , وعلى ذلك متى حاز الحكم قوة الأمر المقضي ، فإنه يكون حجة فيما فصل فيه من مسائل ويعتبر عنواناً للحقيقة فقوة الأمر المقضي للحكم تسمو على قواعد النظام العام , ومن ثم لا يجوز نقض هذه الحجية بدعوى مبتدأه إتقاء لتعارض الأحكام وتأييد المنازعات , وهى إعتبارات تتعلق بالنظام العام , وبالتالي فإن هذا الدفع متعلق بالنظام العام , وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها متى كانت مقوماته متوافرة , ويجوز للخصم أن يتمسك بهذا الدفع ولو لأول مرة أمام المحكمة الإدارية العليا .
{ يراجع في هذا المعني : حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 7592 لسنة 46 ق.ع بجلسة 28/6/2003 الدائرة الأولي ، وحكم محكمة القضاء الإدارى – الدائرة السابعة – في الدعوى رقم 47608لسنة 65قضائية بجلسة8/2/2014 }0
وتأسيساً على ما تقدم ، فإن الثابت من مطالعة حافظة المستندات المقدمة من جانب الحاضر عن غرفة الشركات المدعى عليها بجلسة 23/12/2013 ، فإنها طويت على أصل شهادة صادرة من الجدول العام لمحكمة القضاء الإدارى بشأن صدور حكم محكمة القضاء الإدارى – الدائرة السابعة – فى الدعوى رقم54108لسنة65ق – الصادر بجلسة 25/8/2012، وبمطالعة ذلك الحكم ، يتبين أنه سبق للمدعى – بصفته – بالدعوى الماثلة ، إقامة الدعوي المشار إليهما بغية القضاء له ” بقبول الدعوى شكلاً وبصفه مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي لوزارة السياحة وغرفة شركا ت ووكالات السفر السياحية السلبى بالامتناع عن رد مبلغ ستين الف دولار امريكى المسددة لوزارة السياحة دون وجه حق ، مع ما يترتب على ذلك من آثار مع تنفيذ الحكم بمسودتة دون اعلان ، مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام الجهة الادارية المصروفات ” .
وحيث أن الحكم المشار إليها تضمن فى ختامه القضاء – لما إرتأه من أسباب – (بقبول الدعوى شكلاً ، وفى الموضوع بإلغاء قرار جهة الادارة السلبي بالامتناع عن رد مبلغ ستين ألف دولار أمريكي إلى ممثل الشركة المدعية قيمة التبرع الاجباري للحصول على الترخيص ، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها رد المبلغ المذكور ، وألزمت الجهة الادارية المصروفات ) .
وحيث أن طلبات المدعى – بصفته – بالدعوى الماثلة هو ذات طلباته بالدعوى السابقة الذكر وقد أقيم من ذات أطراف المنازعة ولذات السبب والمحل ، ولما كانت الأوراق قد خلت مما يفيد الطعن على ذلك الحكم ، ومن ثم فقد أضحى نهائياً حائزاً لحجية الأمر المقضى به ، والتى تمنع معاودة التعرض لبحث ذات الطلبات مجدداً ، وبالتالى تتقيد هذه المحكمة بحجية الأحكام المشار إليها ، والتى تكتسب حجة في مواجهة أطراف الخصومة والكافة على حد سواء ، نزولاً على مبدأ حجية الأحكام وسموها وإستقراراً للمراكز القانونية التى ترتبت عليها ، وحيث أن الطلبات في كل من هذه الدعوى وتلك الدعوى المشار إليها متحدة وقائمة من ذات الخصوم ولنفس السبب ، مما يستوجب القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها ، مما يستوجب القضاء بعدم جواز نظر الدعوى الماثلة لسابقة الفصل فيها ، ومن ثم فلا يجوز للمدعي – بصفته – بالدعوى الماثلة معاودة طرح النزاع الماثل مجدداً ، بعد أن أضحى عنوان الحقيقة ، وتحقق مراد المدعى – بصفته – من دعواه ، كما أن الحكم اصبح حجة على أطراف الدعوى والغير الذى تعلقت مصالحهم بموضوعها ، فيمتنع التعرض لذات المسألة المقضى فيها ، وذلك فى أى دعوى لاحقه عليها ، وذلك إتقاءاً لتعارض الأحكام وتضاربها ، ولما كانت الدعوى الماثلة قد تطابقت وتماثلت مع موضوع الحكم السابق الإشارة إليه فتحظر المجادلة فى ذلك نزولاً على مبدأ حجية الأحكام وسموها وإستقراراً للمراكز القانونية التى ترتبت عليها وذلك تحقيقاً لما إستهدفه المشرع من تقرير الحجية للأحكام حسماً للنزاع ومنعاً للتضارب بين الأحكام وتعارضها ، وإثارة النزاع من جديد بعد صدور حكم فيه ، لما فيه من مضيعة لوقت القضاء و هيبته و مجلبة لتناقض أحكامه ، و تعريضاً لمصالح الناس للعبث ما بقيت معلقة بمشيئة الخصوم ، وذلك كلما عنّ لهم تجديد النزاع وإطالة أمده لدداً منهم فى الخصومة بغير مسوغ من صحيح حكم القانون .
ولا يوهن من القضاء المتقدم ما قد يثار من عدم إختصام بعض المدعى عليهم بالحكم السالف الذكر ، وذلك بحسبان أن العبرة بإختصام موضوع القرار الإدارى إختصاماً موضوعياً للقرار ذاته ، وهو عين ما قضت به تلك المحكمة فى قضائها المتقدم ، مما يغدو حجة قاطعة فى مواجهة أطراف الخصومة والكافة على حد سواء ، وهو ما يستوجب القضاء بما سبق بيانه .
ولا محاجة فيما قدمه الحاضر عن المدعى – بصفته – بتاريخ 12/4/2014 من إرفاق توكيل خاصً بترك الخصومة في الدعوى ، بحسبان أن الأوراق قد أجدبت مما يفيد موافقة جهة الإدارة عن ترك المدعى – بصفته – للخصومة فى الدعوى ، فضلاً عن أنه وقد سبق حسم موضوع الدعوى بحكم سابق بات حائز لحجية الأمر المقضى به فلا سبيل للتصدى لبحثه بأى وجه كان ، ومن ثم يتعين الإلتفات عما أثاره المدعى – بصفته – فى هذا الصدد .
ومن حيث أن من خسر الدعوى يُلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة ( 184/ 1) مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة ” بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ، على النحو الموضح بالأسباب ، وألزمت المدعى – بصفته – المصروفات ” .