الفرق بين أحكام إلتماس إعادة النظر في النظام السعودي.
إن الأنظمة القضائية تعطي الطرَف المحكوم عليه حقَّ الاعتراض على الحكم، وطلب رفعه إلى جهة قضائية أعلى تتولى تدقيق الحكم وتمييزه، أو تتولى استئناف النظر في القضية؛ أي: إعادة النظر فيها من جديد من قِبَل محكمة أعلى من المحكمة الأولى التي أصدرت الحكم الأوَّليَّ أو الابتدائي.
وأن الباب الحادي عشر من نظام المرافعات السعودي الصادر عام 1421هـ قد خُصص لطُرق الاعتراض على الأحكام، وقد انتظم هذا الباب في ثلاثة فصول، الأول: “أحكام عامة”، والفصل الثاني في “التمييز”، وأما الفصل الثالث فهو مخصَّص للحديث عن “التماس إعادة النظر” في أربع مواد،
أن نظام الإجراءات الجزائية يختص بالقضايا الجزائية؛ أي: الجنائية ونحوها، ونظام المرافعات هو الأصل فيما تضمنه من أحكام وإجراءات، غير أنه لطبيعة القضايا الجزائية وعلاقة جهات القبض والتحقيق والادعاء بها، خُصَّت بنظامٍ لتفصيل هذه الأحكام والإجراءات.
وقد نصَّت المادة الحادية والعشرون بعد المائتين من نظام الإجراءات الجزائية:
على تطبيق الأحكام الوارِدة في نِظام المُرافعات الشرعية فيما لم يرِد له حُكم في نظام الإجراءات الجزائية، وفيما لا يتعارض مع طبيعة الدعاوى الجزائية.
أبرزَ الأحكام والإجراءات المتعلقة بإعادة النظر في نظام الإجراءات الجزائية:
ففي المادة السادسة بعد المائتين:
(يجوز لأيٍّ مِن الخصوم أن يطلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة، في الأحوال الآتية:
1- إذا حُكم على المتهم في جريمة قتل ثم وُجِد المدعى قتلُه حيًّا.
2- إذا صدر حكم على شخص من أجل واقعة، ثم صدر حكم على شخص آخر من أجل الواقعة ذاتها، وكان بين الحكمين تناقضٌ يفهم منه عدم إدانة أحد المحكوم عليهما.
3- إذا كان الحكم قد بني على أوراق ظهَرَ بعد الحكم تزويرُها، أو بني على شهادة ظهر بعد الحكم أنها شَهادة زور.
4- إذا كان الحكم بني على حكم صادر من إحدى المحاكم ثم ألغي هذا الحكم.
5- إذا ظهر بعد الحكم بينات أو وقائع لم تكن معلومة وقت المحاكمة، وكان من شأن هذه البينات أو الوقائع عدمُ إدانة المحكوم عليه، أو تخفيف العقوبة).
وفي المادة السابعة بعد المائتين:
بيان الجهة التي يرفع لها طلب إعادة النظر، ونصها: (يرفع طلب إعادة النظر بصحيفة تقدم إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، ويجب أن تشتمل صحيفة الطلب على بيان الحكم المطلوب إعادة النظر فيه، وأسباب الطلب).
أن التماس إعادة النظر يرفع إلى محكمة التمييز مباشرة، بينما نرى هنا أن نظام الإجراءات الجزائية ينص على رفع الطلب إلى المحكمة التي أصدرت الحكم، ولعل من أسباب التفريق بينهما: أن طبيعة القضايا الجزائية تستلزم الاستعجال؛ لارتباطها بالعقوبات والجنايات غالبًا، فناسَبَ لذلك تخصيصها بإجراء أسرع، ففي رفع طلب إعادة النظر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم مباشرة اختصارٌ للوقت.
وفي المادة الثامنة بعد المائتين:
(تنظر المحكمة في طلب إعادة النظر وتفصل أولًا في قبول الطلب من حيث الشكل، فإذا قبلته حددت جلسة للنظر في الموضوع، وعليه إبلاغ أطراف الدعوى).
والمقصود بقبول الطلب من حيث الشكل: الإجازة المبدئية للطلب لتوفر الأسباب الأولية التي يجيز النظام تقديم طلب إعادة النظر إذا توفرت في الحكم، وقد سبق حصر هذه الأسباب في المادة السادسة بعد المائتين.
وفي المادة التاسعة بعد المائتين:
بيان لأثر تقديم طلب إعادة النظر على إيقاف التنفيذ، ونصها: (لا يترتَّب على قبول المحكمة طلب إعادة النظر من حيث الشكل وقف تنفيذ الحكم، إلا إذا كان صادرًا بعقوبة جسدية من قِصاصٍ أو حدٍّ أو تعزير، وفي غير ذلك يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف التنفيذ في قرارها بقبول طلب إعادة النظر).
وفي المادة العاشرة بعد المائتين:
(كل حكم صادر بعدم الإدانة – بناءً على طلب إعادة النظر – يجب أن يتضمن تعويضًا معنويًّا وماديًّا للمحكوم عليه؛ لما أصابه من ضرر، إذا طلب ذلك).
وأما المادة الحادية عشرة بعد المائتين:
فتؤكد منع تكرار تقديم طلب إعادة النظر، ونصها: (إذا رفض طلب إعادة النظر، فلا يجوز تجديده بناءً على الوقائع نفسها التي بني عليها).
و المادة الثانية عشرة بعد المائتين:
توضح جواز الاعتراض على الأحكام التي تصدر بناءً على طلب إعادة النظر، ونصها: (الأحكام التي تصدر في موضوع الدعوى – بناءً على طلب إعادة النظر – يجوز الاعتراض عليها بطلب تمييزها، ما لم يكن الحكم صادرًا من محكمة التمييز، فيجب التقيد بما ورد في المادة الخامسة بعد المائتين من هذا النظام).
والمقصود بما ورد في المادة الخامسة بعد المائتين:
أن الحكم الذي تصدره محكمة التمييز يكون نهائيًّا ما لم يكن الحكم بالقتل أو الرجم أو القطع أو القِصاص فيما دون النفس، فيلزم رفعه إلى مجلس القضاء الأعلى.
وأشير إلى أن المحكمة العليا قد حلت محل مجلس القضاء الأعلى في تدقيق الأحكام الصادرة بالقتل أو الرجم أو القطع أو القِصاص فيما دون النفس بِناءً على نظام القضاء الجديد الصادر عام 1428هـ.