دراسة واسعة حول انضمام فلسطين الى المحكمة الجنائية الدولية
انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية وإمكانية تفعيل اختصاصها في مواجهة جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، د. امحمدي بوزينة آمنة، مخبر القانون و الأمن الإنساني جامعة حسيبة بن بوعلي الشلف. مداخلة ألقيت خلال المؤتمر الدولي الثالث عشر لمركز جيل البحث العلمي: فلسطين قضية وحق: طرابلس | لبنان 2 و3 ديسمبر 2016. ( حمل من هنا أعمال المؤتمر الدولي الثالث عشر فلسطين قضية وحق لبنان ديسمبر 2016 الصادرة بشهر ديسمبر 2016، ص 223).
ملخص
بعد فشل محاولة لجوء الفلسطينيين إلى مجلس الأمن الدولي لتمرير مشروع قرار دولي يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي عام 1967، سعت فلسطين لتفعيل آليتين من آليات الإقرار باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، حيث أودعت إعلانًا جديدًا بموجب المادة 12(3) بأثر رجعي يعود إلى تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014، ليتزامن مع لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة عام 2014، وأودعت أيضًا وثائق الانضمام إلى نظام روما الأساسي لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وانضمت فلسطين في 1 يناير/كانون الثاني إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، ودخلت الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل/نيسان 2016، وبهذا يعتبر انضمام فلسطين من أهم الخطوات لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين والجرائم المتكررة التي ترتكب ضدهم، ونتيجة لذلك أعلنت المحكمة الجنائية منتصف يناير 2016 فتح بحث أولي في جرائم حرب قد تكون إسرائيل ارتكبتها خلال عدوانها الأخير على غزة الذي أدى إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني وجرح أكثر من 11 ألفا آخرين. i
من هذا المنطلق، نتساءل في ظل الوضعَ الراهن ما هو المسار المحتمل لعضوية فلسطين في المحكمة بالنظر إلى اعتبارات إخضاع العدالة إلى السياسة والتنازلات المرتبطة بمسعى إقامة الدولة الفلسطينية خاصة على ضوء الضغطُ الإسرائيلي على هذه الخطوة الفلسطينية على المحكمة ذاتها؟، وما هي تداعيات إمكانية تفعيل التقاضي أمام المحكمة الجنائية الدولية في إطار تعزيز الجهودِ المبذولة من أجل المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي؟.
Abstract :
After the failure of an attempt to Palestinians’ resorting to the UN Security Council to pass a draft UN résolution that sets a timetable to end the Israël occupation of the territory of 1967, Palestine has sought to activate the two vehicles of the mécanismes of the recognition of the compétence of the International Criminal Court, where deposited a new declaration under article 12(3) retroactively to the date of 13 June 2014, to coincide with the fact-finding committee in the Gaza Strip in 2014, also deposited its instrument of accession to the Rome Statut to the Secretary-General of the United Nations and Palestine subsequently joined in the 1 January to the Rome Convention on the establishment of the International Criminal Court, the Convention will enter into force for application in Palestine, on 1 April 2016, thus considers the accession of Palestine, one of the most important steps to ensure accountability to the crimes of the Israël occupation, and at the same time to ensure the protection of Palestinian civilians and crimes Repeated committed against them, as a result, Criminal Court declared mid-January 2016 Fatah preliminary research in war crimes could be committed by Israël during the recent aggression on Gaza, which led to the martyrdom of about 2200 Palestinians and wounding more than 11 thousand others.
From this standpoint, we wonder under the current situation, what is the potential path for the membership of Palestine in the court in view of the considérations of bringing justice to the policy and concessions associated with the pursuit of the establishment of the Palestinian state, especially in the light of the Israël pressure on the Palestinian step of the Tribunal it self?, and what répercussions the possibility of activating the litigation before the International Criminel Court in the Framework of strengthening efforts for accountability to the crimes of the Israël occupation?.
مقدمة
حظيت الدولة الفلسطينية باهتمام ومركز وثقل قانوني وسياسي على مختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، ويظهر ذلك من خلال قرارات الشرعية الدولية والمؤتمرات والقمم العربية، والاعتراف الدولي بها من قبل الدول والمنظمات الدولية والإقليمية كاعتراف جامعة الدول العربية أيضاً عام 1976م، واعتراف منظمة التعاون الإسلامي عام 1979 م وكذلك اعتراف منظمة اليونسكو بدولة فلسطين عام 2011 م، الإضافة لما تتمتع به من أهمية تاريخية ودينية، إذ هي حاضنة الأديان الثلاثة: الإسلام والنصرانية واليهودية، وعليه في إطار محاولة تصحيح الظلم التاريخي الذي ألحق بالشعب الفلسطيني”، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 67/19 بتاريخ 29 نوفمبر 2012، الذي قرر منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وبهذا قام القرار بترقية مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، وتتيح الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وإن الحديث عن الانتهاكات والمجازر والاعتداءات والجرائم الإسرائيلية لن ينتهي، ولا أصدق على ذلك من الحرب على غزة عام 2009، بالإضافة إلى حربها الجديدة التي شنتها في يوم عام 2012، وكان أخرها حرب جويلية 2014، والتي ضربت فيهما دولة إسرائيل بعرض الحائط كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية الملتزمة بها، كاتفاقية جنيف الرابعة والمتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، وكذلك اتفاقية لاهاي المتعلقة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907 م، بالإضافة إلى ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945 م، والتي تؤكد جميعها على قيام المسؤولية الدولية بحق دولة الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد فشل محاولة الفلسطينيين في تمرير مشروع قرار دولي يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي عام 1967، سعت فلسطين لتفعيل آليتين من آليات الإقرار باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، حيث أودعت إعلانًا جديدًا بموجب المادة 12(3) بأثر رجعي يعود إلى تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014، ليتزامن مع لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة عام 2014، وأودعت أيضًا وثائق الانضمام إلى نظام روما الأساسي لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وانضمت فلسطين في 1 يناير/كانون الثاني إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، ودخلت الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل/نيسان 2016، وبهذا يعتبر انضمام فلسطين من أهم الخطوات لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين، ونتيجة لذلك أعلنت المحكمة الجنائية منتصف يناير 2016 فتح بحث أولي في جرائم حرب قد تكون إسرائيل ارتكبتها خلال عدوانها الأخير على غزة الذي أدى إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني وجرح أكثر من 11 ألفا آخرين([1]).
وقد اعتبر البعض أن هذه الخطوة تحمل في طياتها أمال كبيرة معلقة على المحكمة من أجل الانتصار لحقوق الضحايا الأبرياء بسقف متوقع يفوق قدرة المحكمة وقانونها الأساسي، وصلت لدرجة اعتقاد البعض أن انعقاد المحكمة سوف يشكل محاكمة العصر التي سوف تحاكم الوجود الغير شرعي لاحتلال وممارساته الإجرامية، لذلك سوف نتناول بعض المسائل الإجرائية والنقاط القانونية التي تتعلق بانضمام وما بعد انضمام دولة فلسطين المحتلة لهذه المحكمة، لمعرفة مدى اهتمام النظام الجنائي الدولي بتحقيق العدالة والإنصاف للضحايا الحروب والنزاعات المسلحة على المستوى الدولي، لكي يتمكن الضحايا الفلسطينيين من عقد آمال أكيدة على أن هذه العدالة سوف تنتصر لحقوقهم وتحاكم المسئولين عن هذه الجرائم، والتدقيق بمدى تدخل الإرادة السياسية للدول في تحريك المحاكم الجنائية المؤقتة والدائمة، كل ذلك يؤدي لوضع الأمور بنصابها الموضوعي، ويمكن الشعب الفلسطيني أفرادا وقيادات من وضع الخطط والبرامج التي من شأنها الانتصار للضحايا الأبرياء الذين قتلوا من جراء استهداف المدنين العزل الذين من المفترض أن يكونوا امنين في بيوتهم .
بناء على ما تقدم، سلطت هذه الدراسة الضوء على الإيجابيات والسلبيات المترتبة على انضمام فلسطين لاتفاقية روما لعام 1998، كذلك المعوقات التي تحول ضد تحقيق رغبة الفلسطينيين في ضمان عدالة هذه المحكمة الدولية وضمان عدم إفلات قادة الجيش الإسرائيلي وقادة مؤسساته السياسية والعسكرية من العقاب على تلك الجرائم.
ولهذا يهدف البحث في هذا الموضوع إلى تسليط الضوء على الأمور التالية :
أثر قرر منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وبالتالي ترقية مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، والتي تتيح لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.
إثارة المسؤولية الدولية بشقيها الجنائية والمدنية بحق دولة إسرائيل .
أثر الاعتراف بالدولة الفلسطينية على قيام المسؤولية الدولية بحق دولة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
بيان السبل والآليات التي تستطيع من خلالها دولة فلسطين محاكمة المتهمين الإسرائيليين عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني .
وعليه، بعد حصول فلسطين على منصب دولة مراقب في الأمم المتحدة وانضمامها إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، نتساءل عن مدى قدرة الدولة الفلسطينية ملاحقة ومحاكمة المتهمين الإسرائيليين عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني ووضع حد لممارساته غير المشروعة؟، وهل الانتهاكات والجرائم التي ارتكبها المحتل الإسرائيلي بحق الفلسطينيين تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؟، وهل يحق للفلسطينيين مقاضاة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه؟.
تنطلق الإجابة على التساؤلات السابقة من الفرضيات التالية:
يمكن للدولة الفلسطينية إثارة المسؤولية الدولية بشقيها الجنائية والمدنية بحق دولة إسرائيل .
الاعتراف بالدولة الفلسطينية على قيام المسؤولية الدولية بحق دولة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية.
انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية وسلة فعالة لمحاكمة المتهمين الإسرائيليين عن جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني.
للإجابة على التساؤلات السابقة والتحقق من صحة الفرضيات، استعنا بالعديد من المناهج، بداية بالمنهج الوصفي، وذلك للوقوف على وضع دولة فلسطين في الأمم المتحدة والإمكانيات المتاحة لها في التوقيع على الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وكذلك المنهج التحليلي بتحليل نصوص نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية، ونصوص المعاهدات والاتفاقيات ذات العلاقة ومطابقتها على وضع دولة فلسطين والتي بموجبها تتأكد تؤكد إمكانية تحميل دولة إسرائيل وقادتها ورؤسائها المسؤولية الدولية عن انتهاكاتهم وجرائمهم بحق الدولة الفلسطينية أرضاً وشعباً وحكومة، ومحاكمتهم عن هذه الجرائم، تحديداً بعد حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة.
ولقد قسم الباحث هيكلية هذا البحث إلى مقدمة ومبحثين وخاتمة، على النحو التالي:
المبحث الأول: انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية .
المبحث الثاني: الانتهاكات الإسرائيلية التي تدخل في اختصاص محكمة الجنايات الدولية
المبحث الثالث: الإمكانيات المتاحة لفلسطين بتحريك دعوى جنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية.
المبحث الأول: انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية
تعتبر المحكمة الجنائية الدولية أول محكمة جنائية دولية دائمة أسست عام 1998 بناءً على معاهدة، لمحاسبة مرتكبي أكثر الجرائم خطورة على المستوى العالمي مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، ومن هنا سنتعرض للجهود الفلسطينية المبذولة لتمكين المحكمة من ممارسة اختصاصها، تلك الجهود التي لا تزال تعاني تردداً أو مماطلة في الإرادة السياسية، تحول دون تمكين المحكمة من اختصاصها، ولكي تتمكن من ذلك، فإن فلسطين قامت بالانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في 1 يناير/كانون الثاني 2016، الذي دخل حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين بعد 3 أشهر، أي في 1 أبريل/نيسان 2016، وبهذا يعتبر انضمام فلسطين من أهم الخطوات لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين والجرائم المتكررة التي ترتكب ضدهم، ومن ثم أصبح بإمكان الفلسطينيين رفع الشكاوي والدعاوي أمامها للتحقيق فيها ووضع المتهمين الإسرائيليين أمام العدالة الدولية، وهو ما سنبرزه فيما يلي:
المطلب الأول: الإمكانيات المتاحة أمام فلسطين باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية
حصلت منظمة التحرير الفلسطينية سابقاً على مركز مراقب في الأمم المتحدة، بناءً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3237) بتاريخ 22/10/1974، وبناءً على ذلك القرار تتم دعوتها للاشتراك في دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمراتها والمشاركة في أعماله، وفي المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الجمعية العامة([2]).
بتاريخ 23/9/2011 تقدمت فلسطين بطلب إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؛ ونظراً لتباين وجهات النظر حول الطلب المقدم من قبل اللجنة المختصة بقبول الأعضاء الجدد في مجلس الأمن الدولي، لم يطرح الطلب للتصويت داخل مجلس الأمن، ولكن المدعي العام أشار إلى أن المحكمة تجري فحصاً أولياً للموقف.
لقد حاولت السلطة الفلسطينية الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية في نيسان 2009، لكن هذه المحاولة أحبطت؛ نتيجة لرفض مدعي عام المحكمة “لويس مورينو أوكامبو” طلب فلسطين بالانضمام للمحكمة؛ بحجة أن فلسطين ليست دولة. لذلك فإن الاعتراف بفلسطين كدولة يتيح لها مطالبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن على وجه الخصوص بالتدخل لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك نظراً لأن ميثاق الأمم المتحدة أناط بمجلس الأمن الدولي صلاحيات حفظ الأمن والسلم الدوليين على صعيد المجتمع الدولي ككل([3]).
وبتاريخ 29/11/2012 تقدمت فلسطين عبر مجموعة من الدول العربية والصديقة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار يتناول ترفيع مكانة فلسطين إلى دولة مراقب في الأمم المتحدة، وحاز مشروع القرار على (138) مع، وعارضته (6) دول، وامتنعت (41) دولة عن التصويت، وتلا ذلك إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بمنح فلسطين وضع دولة مراقب في الأمم المتحدة غير عضو([4])، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 67/19 في اجتماعها السابع والستين في 29 نوفمبر 2012، الذي قرر منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وبهذا قام القرار بترقية مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، وتتيح الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية.
وقد فتح المجال أمام فلسطين بالانضمام للمحكمة الجنائية الدولية كونها أصبحت دولة بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، بعدما أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 67/19 في اجتماعها السابع والستين في 29 نوفمبر 2012، الذي قرر منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، وقد تزامن هذا القرار مع تاريخ اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وبهذا قام القرار بترقية مرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة غير عضو، وتتيح الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، كما دعا مجلس الأمن إلى النظر “بشكل إيجابي” إلى قبول طلب دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، الذي قدمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في سبتمبر 2011.
وقد أكد القرار رقم 67/19 على إلتزام دولة فلسطين بالمواثيق والقوانين الدولية والديمقراطية والحريات الخاصة والعامة وحقوق الفئات الاجتماعية المغبونة والمعرضة للتمييز، سوف يقود إلى مزيد من التعزيز لمكانة دولة فلسطين دوليا، كما وإلى توسيع دائرة الاعتراف بها وبسائر حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية الثابتة غير قابلة للتصرف؛ وبالمقابل، فإنه سيؤدي إلى فرض عزلة متزايدة على إسرائيل كدولة احتلال استيطاني وتمييز عنصري وانتهاك متمادٍ للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني وللقانون الجنائي الدولي وسائر الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ما يسهم بتأمين حماية دولية أفضل لحقوق اللاجئين ولشعبنا الرازح تحت الإحتلال.
بشكل عام، فإن قرار ترقية مركز فلسطين يستعيد ويؤكد بلغة شديدة الوضوح على عناصر الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني «إعمالاً لمبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب وحقها في تقرير المصير إسترشاداً بمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه ومنها مبدأ عدم جواز الإستيلاء وعلى الأراضي بالقوة، وصون السلام الدولي وتوطيد أركانه على أساس الحرية والمساواة والعدل وإحترام حقوق الإنسان الأساسية، وإنطباق إتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأرض الفلسطيني المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، بما يشمل مسألة السجناء، وعدم الإعتراف بضم القدس الشرقية، ووقف جميع أنشطة الإستيطان الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وقفاً تاماً… هذا مع التأكيد على فتوى محكمة العدل الدولية عام 2004.
كذلك اعترفت العديد من المنظمات الدولية والإقليمية بالدولة الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وبناءً عليه حصلت الدولة الفلسطينية على العضوية في هذه المنظمات سواء كان ذلك على شكل عضوية كاملة كما هو الحال في عضوية دولة فلسطين في جامعة الدول العربية عام 1978 م ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو عام 2011 م ومنظمة التعاون الإسلامي عام 1979 م أو على شكل صفة الدولة المراقبة غير العضو كما هو الحال في عضوية دولة فلسطين في منظمة الأمم المتحدة عام 1945م .
ولقد كان لانضمام فلسطين إلى مثل هذه المنظمات العديد من الآثار والفوائد التي عادت على الدولة الفلسطينية شعباً وأرضاً وحكومةً؛ والتي نتج عنها منح القضية الفلسطينية بعداً دولياً وإقليميا، مما أدى ذلك كله إلى إبراز الوجه الحقيقي العدو الإسرائيلي والانتهاكات التي يقوم بها تجاه القضية الفلسطينية([5])، كما أن انضمام فلسطين للمحكمة أضحت متاحة بشكل أكبر بعد توقيع الرئيس محمود عباس باسم دولة فلسطين على تسعة عشر اتفاقية دولية ([6])، بما في ذلك اتفاقيات جنيف الأربع وسبع اتفاقيات متعلقة بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى اتفاقيتي تحريم الإبادة الجماعية والفصل العنصري، وقد شكل ذلك أولى المحاولات لتعزيز مكانة فلسطين كدولة في الأمم المتحدة، وكذلك انضمامها إلى 63 منظمة واتفاقية دولية ([7]).
وعقب الحرب الإسرائيلية على غزة في كانون الأول/ ديسمبر 2008 وكانون الثاني/ يناير 2009، قدمت السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال رسالة وجهها وزير العدل الفلسطيني الأسبق الدكتور علي خشان لقلم المحكمة بتاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 2014 أعلن فيها استعداد فلسطين لقبول اختصاص المحكمة الدولية بالنسبة لكل الجرائم التي وقعت في الإقليم الفلسطيني منذ 1 تموز/ يوليو 2002 بموجب المادة 12(3) من ميثاق روما. لكن بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 2012، رد المدعي العام الأسبق للمحكمة السيد لويس مارينو-أكامبو، وهو أرجنتيني الجنسية، أن المحكمة لن تقبل الطلب الفلسطيني كون فلسطين ليست دولة، لكن الوضع تغير بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 عندما صوت الأعضاء في الأمم المتحدة باعتبار فلسطين دولة، لذلك قام وزير العدل الفلسطيني الحالي السيد سليم السقا، وبشكل مشترك مع المدعي العام الفلسطيني في غزة السيد إسماعيل جابر، بإعادة تفعيل الطلب الفلسطيني لقبول اختصاص المحكمة وفقا للمادة 12(3) في ضوء الحرب الجديدة التي تشنها إسرائيل على غزة وذلك من خليل توكيل المحامي الفرنسي جيل دافير، الذي قدم الشكوى بالفعل بتاريخ 25 تموز/ يوليو 2014.
ولكن وبشكل مفاجئ تم الإعلان في بعض وسائل الإعلام أن فلسطين قد طلبت للمدعية العامة للمحكمة السيدة فاتو بنسودة سحب الطلب المقدم للمحكمة يوم 7 أغسطس 2014، وذلك بعد يومين من زيارة وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي لمقر المحكمة في لاهاي؛ وقد نفى المستشار القانوني للرئيس، المحامي حسن العوري، سحب الطلب، ووفقا لبعض التحليلات، فإن هذا السحب جاء على خلفية التخوفات أن المحكمة ربما تحكم على حركات المقاومة الفلسطينية أو أن فلسطين تفضل أن نهج إستراتيجية أخرى في العلاقة مع المحكمة التي تتمثل بطلب العضوية الكاملة لتختص في الجرائم المستقبلية فقط هذا، إن صح، يعني أن المحكمة لن تختص بملاحقة الجرائم الإسرائيلية التي وقعت في قطاع غزة في صيف 2014.
وبعد فشل محاولة لجوء الفلسطينيين إلى مجلس الأمن الدولي لتمرير مشروع قرار دولي يضع جدولا زمنيا لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضي عام 1967، سعت فلسطين لتفعيل آليتين من آليات الإقرار باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، حيث أودعت إعلانًا جديدًا بموجب المادة 12(3) بأثر رجعي يعود إلى تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014، ليتزامن مع لجنة تقصي الحقائق في حرب غزة عام 2014، وأودعت أيضًا وثائق الانضمام إلى نظام روما الأساسي لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وانضمت فلسطين في 1 يناير/كانون الثاني إلى اتفاقية روما الخاصة بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وقد دخلت الاتفاقية حيز التطبيق بالنسبة لفلسطين في 1 أبريل/نيسان 2016.
وبهذا يعتبر انضمام فلسطين من أهم الخطوات لضمان المساءلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وفي نفس الوقت تأمين الحماية للمدنيين الفلسطينيين والجرائم المتكررة التي ترتكب ضدهم، ونتيجة لذلك أعلنت المحكمة الجنائية منتصف يناير 2016 فتح بحث أولي في جرائم حرب قد تكون إسرائيل ارتكبتها خلال عدوانها الأخير على غزة الذي أدى إلى استشهاد نحو 2200 فلسطيني وجرح أكثر من 11 ألفا آخرين.
المطلب الثاني: أثر انضمام دولة فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية
بحسب المراقبين، فإن خطوة انضمام فلسطين إلى المعاهدات الدولية له فوائد كثيرة، في حال تم تطبيقها ومتابعتها، إذ يفترض أن يؤثر ذلك بشكل مباشر على الصراع الدائر مع الاحتلال “الإسرائيلي”، كاتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907، واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الملحق به لعام 1977، فهذه الاتفاقيات تنص على حماية المدنيين وقت الحرب، وعلى أن أفراد الأجهزة الأمنية من حقهم مجابهة الاحتلال في حالة دخوله لإحدى المدن الفلسطينية، وأنهم يعدون معتقلين في حالة اعتقالهم يستفيدون من كافة أحكام الحماية، كما أن الانضمام لهذه المعاهدات سيؤهل السلطة الفلسطينية لتكون في موضع أفضل لمطالبة “إسرائيل” بالالتزام بتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بالوضع القانوني للسجناء الفلسطينيين، ويفتح المجال أمام تدويل قضية المعتقلين وأمام حشد الدعم في وجه الانتهاكات “الإسرائيلية” لحقوق الإنسان.
وبعد الانضمام الفلسطيني، أصبح يمكن للمحكمة الجنائية أن تحاكم أي متهم بارتكاب جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية أو أمر بارتكابها، سواء ارتكبت الجريمة من قبل مسؤولين إسرائيليين أو فلسطينيين أو مسلحين أو أفراد عاديين، لكن إسرائيل ستكون المتضرر الأكبر من انضمام فلسطين للمحكمة كون إسرائيل هي المعتدية وكونها ترتكب مجازر وجرائم بشكل متكرر ومستمر، ومع ذلك يمكن أن يحاكم الفلسطينيون بشكل رئيسي في حالتين هما: الأولى، تعمد استهداف مدنيين إسرائيليين، والثانية القيام بانتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات الفلسطينية ضد فلسطينيين. وربما هذا الأمر سيدفع الفلسطينيين إلى تبني وسائل مقاومة غير مسلحة أو أن يوجهوا هجماتهم ضد القوات العسكرية، ومن أجل أن يتجنب الفلسطينيين الملاحقة من قبل المحكمة، يمكنهم تشكيل محاكم خاصة من أجل محاكمة أي فلسطيني يرتكب أي مخالفة من المخالفات التي تعاقب عليها المحكمة كون القضاء الدولي لا يختص طالما قام القضاء المحلي بمهمة المحاكمة، لذلك من الواضح أن المستفيد الأكبر من الانضمام للمحكمة الجنائية هم المدنيون، سواء الفلسطينيون أو الإسرائيليون([8]).
وتجب الإشارة أنه، مع قبول الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون طلب فلسطين الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وإبلاغه الدول الأعضاء في المحكمة بقرار قبوله الطلب، وإعلانه في بيان أصدرته الأمم المتحدة أنه تأكد بأن الوثائق التي تم تسلمها تطابق المعايير قبل قبولها لإيداعها” ، خرجت وزارة الخارجية الأميركية، تقول أنها لا تعتقد أن فلسطين دولة ذات سيادة ولذلك فهي غير مؤهلة لعضوية المحكمة الجنائية الدولية، على حد نص قول الخارجية الأميركية، لتنضم تلك التصريحات بجانب التهديدات الأمريكية الإسرائيلية التي تسعى للحول دون انضمام دولة فلسطين إلى المحكمة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا هذا الهلع الإسرائيلي الأمريكي من هذا القرار؟.
الأمر ببساطة أن هذه الاتفاقية ستتيح للمحكمة فتح قضايا ابتداء من الأول من إبريل حول جرائم خطيرة ارتكبت على الأراضي الفلسطينية. وسيكون بإمكان فلسطين مقاضاة مسؤولين إسرائيليين على كل الجرائم التي يرتكبونها ضد الفلسطينيين وهي بموجب القانون الدولي تشمل الاستيطان ومصادرة الأراضي والاعتقال وهدم المنازل في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس.
نجد الإجابة على تساؤلنا تصبح أكثر وضوحا على لسان أيال جروس أحد أستاذة القانون الدولي في دولة الاحتلال في مقال نشره في «هآرتس» ، حيث رأى أنه خلافاً لملفات سابقة رفضت المحكمة الولوج فيها تتعلق بشكاوى ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال عدوان 2012 بداعي أن فلسطين دولة لكنها ليست عضواً في الهيئة العامة إنما بصفة مراقب فقط، فإن «انضمام فلسطين إلى المحكمة يغير الصورة تماماً»، إذ أنه سيحق لكل دولة عضو في المعاهدة أن تتقدم بشكوى كهذه في حال نفذت جرائم حرب في أراضيها. وزاد أن من شأن هذا الانضمام أن يوسع صلاحيات المحكمة لتطبّق على كل المساحة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بمعنى أن قبول دولة فلسطين كعضو في المحكمة الجنائية الدولية سيتيح لها مطاردة الاحتلال على جرائمه المتواصلة منذ عقود أمام المحكمة الدولية، وهذا ما دفع رئيس وزراء دولة الاحتلال لدعوة المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إلى رفض طلب الفلسطينيين، ووفق النظام الداخلي للمحكمة؛ فإن دولة فلسطين ستصبح عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية في 1 أبريل 2016.
باختصار، فإن تلك الخطوة تسمح ملاحقة الجيش والحكومة الإسرائيلية على جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية منذ الأول من حزيران 2014، نظرا لأن الولاية الزمنية للمحكمة التي طلبتها السلطة الفلسطينية هي من حزيران 2014، وهذه الخطوة تأتي كجزء من إستراتيجية تحاول خلق ديناميكية جديدة تغير من مسار الحركة الذي سمح لقوات المحتل الإسرائيلي بتدمير مساعي السلام من طرف واحد”، و”أن أساس أي حركة في المرحلة القادمة هو القانون الدولي كجزء من مرحلة فلسطينية جديدة وعصر جديد”([9]).
ويعتبر الكثير من المراقبين أن انضمام السلطة الفلسطينية إلى محكمة الجنايات الدولية يحمل الكثير من الفرص والتحديات في الوقت نفسه، وفيه الكثير من الإيجابيات والسلبيات، وذلك على رغم اعتباره: “إنجازاً كبيراً وانتصاراً لدماء الشعب الفلسطيني تجاه محاكمة قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين لارتكابهم مجازر حرب ضد المدنيين”.
وأول التحديات التي تواجه الفلسطينيين إعداد الملفات لمحاكمة المسؤولين سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، بطريقة علمية موثقة تسمح لمحكمة الجنايات بفتح تحقيقات بشأن هذه الجرائم.
وفور إعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قبول انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ابتداء من الأول من نيسان (أبريل) 2016، بدأ فريق قانوني فلسطيني الإعداد لرفع أولى الدعاوى الفلسطينية ضد مسؤولي سلطات الاحتلال الحربي الإسرائيلي أمام محكمة الجنايات الدولية، ومن أولى القضايا التي سترفع إلى المحكمة الاستيطان اليهودي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والحرب الأخيرة على غزة 7 جويلية 2014، إذ ينص ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية على أن قيام دولة الاحتلال بنقل سكانها إلى الإقليم المحتل يعتبر جريمة حرب، ويعتبر الميثاق أيضاً استهداف المدنيين الآمنين جريمة حرب.
ونص الطلب الفلسطيني المقدم إلى محكمة الجنايات الدولية، على أن فلسطين ترغب في أن تطبق المحكمة ولايتها القانونية على فلسطين ابتداء من الثالث عشر من حزيران (يونيو) عام 2014، وهدفت الرسالة إلى أن تشمل القضايا المرفوعة أمام محكمة الحرب التبعة للقوات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة التي سقط فيها أكثر 2200 فلسطيني غالبيتهم العظمى من المدنيين، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
وشرع فريق من محامي منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية في جمع الوثائق والشهادات المتعلقة بجرائم الحرب الأخيرة في غزة عام 2014 ، وقال شعوان جبارين مدير مؤسسة الحق، إحدى المؤسسات المنخرطة في جمع شهادات جرائم الحرب في الحرب الأخيرة، إن هذه الجرائم تشمل استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي مئات العائلات الفلسطينية الآمنة في البيوت والمدارس والشوارع.
وسيتولى قانونيون، بعضهم متطوع، رفع الدعاوى الفلسطينية أمام محكمة الجنايات. وتعهدت إحدى دول الخليج العربي توظيف ثمانية من كبار القانونيين في العالم لمتابعة القضايا الفلسطينية المنظورة أمام المحكمة.
كما أبلغ الاتحاد الفيدرالي الدولي لمنظمات حقوق الإنسان، الذي يضم 154 مؤسسة حقوق إنسان، نيته رفع دعاوى على قادة الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب.
وقال أحد المنخرطين في هذه العملية، إن إحدى الدعاوى التي سترفع ضد مسؤولي قوات الاحتلال الإسرائيلي ستشمل أربعة وزراء في الحكومة الحالية يقيمون في مستوطنات في الضفة الغربية والقدس. ومن بين هؤلاء وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وأوضح أن الدعاوى ستشمل المسؤولين في قوات الاحتلال الإسرائيلي، بخاصة أعضاء المجلس الوزاري المصغر «الكابينيت الأمني» الذي قرر الهجمات العسكرية الأخيرة على غزة التي شملت أكثر من 5000 غارة، وأعضاء حكومات المحتل الإسرائيلي المتعاقبة التي أقرت مشاريع بناء استيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقادة الجيش الذين أصدروا الأوامر بالقصف الجوي والبري والبحري، وأضاف: “سنصل إلى مرحلة تكون فيها غالبية قادة المحتل الإسرائيلي، من سياسيين وعسكريين، مطلوبين إلى القضاء، ولن يكونوا قادرين على السفر إلى أي من دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة، التي ترعى المحتل الإسرائيلي في الحرب والسلم ولا تلقي بالاً للقانون الدولي”.
ويرجح الكثير من المراقبين أن تتغير طبيعة الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وأدواته بعد الانضمام إلى محكمة الجنايات عما كانت عليه قبل الانضمام، ذلك أن فتح الطريق أمام الطرفين للتقاضي سيحيل القضية إلى قضية عدالة وحقوق وجرائم حرب، لكن طريق الفلسطينيين إلى محكمة الجنايات مليئة بالتحديات والصعوبات، فالمحكمة لا تقبل النظر في القضايا التي يجري التحقيق فيها محلياً، إذ يقول أستاذ القانون الدولي الدكتور عبد الله أبو عيد، إن الاحتلال الإسرائيلي ربما يفتح تحقيقاً في القضايا التي يجري رفعها أمام المحكمة بغية إعاقتها أطول فترة ممكنة، ولفت إلى أن مراجعة بعض القضايا من المحكمة قبل إقرار النظر فيها رسمياً، قد يستغرق بين 4 و5 سنوات، وأضاف أن «المحكمة ستطلب وثائق أصلية من مؤسسات حقوق إنسان محايدة، مثل «آمنستي» و«هيومان رايتس ووتش» و«الحق» وغيرها، ووثائق عسكرية ووثائق من مختبرات طبية قبل النظر في قضايا معينة».
وهناك تحديات أخرى يواجهها الفلسطينيون، منها قدرة الاحتلال الإسرائيلي على رفع دعاوى مضادة للدعاوى الفلسطينية. ومن الدعاوى المتوقعة دعوى ضد مسؤولين في حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” على خلفية إصدار أوامر بإطلاق صواريخ من غزة على أهداف مدنية إسرائيلية، ومنها دعوى محتملة ضد الرئيس محمود عباس على خلفية اتفاقه مع حركة «حماس» على تشكيل حكومة وفاق وطني، لكن المسؤولين الفلسطينيين يرددون المثل القائل «أن تبدأ متأخراً خير من أن لا تبدأ أبداً».
وقال مسؤول رفيع: «انتهت المفاوضات إلى الأبد، وانتهت الرعاية الأميركية لعملية السلام، ولم يعد أمامنا سوى تدويل القضية الفلسطينية ونقل الصراع إلى قاعة محكمة الجنايات الدولية»، وأضاف: «سيكون الاستيطان المعركة الكبرى، وسنربحها، لأن الأمم المتحدة تعترف بفلسطين في حدود العام 1967، وتعتبر الاستيطان غير شرعي، وهذا دليل كاف للمحكمة لإدانة قادة إسرائيل وطلبهم للمثول أمام القضاء الدولي على خلفية جريمة حرب معلنة ومكشوفة». وتابع: «لهذا السبب نرى إسرائيل تفقد أعصابها أمام قرارنا الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، ومعها الحق في ذلك، لأن قادتها سيدفعون ثمناً كبيراً”([10]).
المبحث الثاني: الانتهاكات الإسرائيلية التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية
منذ أن احتلت القوات الإسرائيلية ما تبقى من الأراضي الفلسطينية ) قطاع غزة والضفة الغربية ( في عام 1967م وفرضت عليها حكمها العسكري أقر المجتمع الدولي بأن القوات الإسرائيلية هي قوات احتلال حربي وأن الأراضي الفلسطينية هي أراضي محتلة، وأن أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 المتعلقة بحماية السكان المدنيين والبروتوكولات الملحقة بها تنطبق على سكان هذه الأراضي، وأن قوات الاحتلال ملزمة باحترام وتطبيق أحكام هذه الاتفاقية، وأنها ليست مطلقة اليدين في استخدام ما تشاء من القوة أو الإجراءات أو السياسات في إدارتها لهذه الأراضي، وأن عليها أن تراعي إلى أقصى حد مصالح السكان المدنيين وحماية ممتلكاتهم وألا تغير من الوضع القانوني لهذه الأراضي.
بلمحة سريعة يحاول بها أي مختص في القانون الدولي تكييف الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني يبرز أمامه بشكل واضح صورة إرهاب الدولة بأبشع أشكاله ووقائعه، فسلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنذ دخولها فلسطين، بل قبل ذلك مارست ومازالت تمارس إرهاباً رسميا في مواجهة الشعب الفلسطيني([11])، وترجع تلك الممارسات الإرهابية الإسرائيلية في مواجهة الشعب الفلسطيني إلى الفترة السابقة على احتلال فلسطين، غير أنه تصاعد بشكل أكبر وأوسع مع الحروب العدوانية الإسرائيلية التوسعية والاستيطانية خلال الأعوام 1948، 1967، 1973، 1982، 1993 و1996، 2000، 2008.
ازدادت بشاعة تلك الممارسات مع الفترة التي تلت أحداث 11 سبتمبر 2001 حيث استغلت إسرائيل هذه الأحداث لتصعد ممارساتها الإرهابية أكثر في مواجهة الشعب الفلسطيني([12])؛ فقد أصبح سياسة حكومية معلنة، وبالإضافة إلى التفرد والتميز الّذي يتسم به الإرهاب الإسرائيلي واحتلاله المرتبة الأولى عن جدارة لن يستطيع أحد تحطيمها وتجاوزها سوى إسرائيل نفسها؛ فإنّه يتميز وينفرد أيضاً بأنّه إرهاب يمارس من قبل الحكومة والمستوطنين على حد سواء وعلى نفس الدرجة من الكفاءة وبأعلى درجة من التنسيق، فالحكومة الإسرائيلية تسحق الأبرياء بالدبابات والمستوطنين يذبحونهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل والحكومة تدكهم بالقنابل والصواريخ([13]).
لقد ارتكب المحتل الإسرائيلي، ومازال يرتكب حتى اليوم العديد من الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين، خاصة بحق الأطفال والنساء والمدنيين، ضارباً بعرض الحائط جميع قرارات الشرعية الدولية، وعليه نهدف في هذا المطلب إلى وضع وتصنيف تلك الجرائم في ظل نصوص ومبادئ القانون الدولي، على وجه الخصوص وفق تصنيفات الجرائم التي تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بحيث نضع الجرائم التي ارتكبها المحتل الإسرائيلي ([14]).
في هذا الصدد لابد من ملاحظة هامة، تتمثّل في أنّ الجرائم التي أقدم عليها النظام الإسرائيلي تفوق أي حصر أو إحصاء ولا يمكن جمعها في دراسة واحدة([15])، بل حتَّى المجلدات لن تسعها، ولهذا سنحاول التعرض إلى أبرز الانتهاكات الجسيمة الإسرائيلية وأكثرها علاقة بدراستنا، وفق تصنيفات الجرائم التي وردت في نظام روما الأساسي، والتي سنبرزها فيما يلي:
المطلب الأول: جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين
أشارت المادة السادسة من نظام روما لعام 1998 إلى الركن المادي لهذه الجريمة الذي يتمثل في كل عمل من شأنه أن يؤدي إلى إبادة جماعة بشرية معينة إبادة كلية أو جزئية، وقد ذكرت هذه المادة بعض الأفعال التي يتحقق بها الركن المادي لجريمة الإبادة، هذا وتتميز جريمة الإبادة الجماعية بأنّها جريمة دولية بطبيعتها، حتى وإن قامت بها حكومة وطنية ضدّ طائفة من طوائف الشّعب الذي تحكمه([16]).
كما تجدر الإشارة إلى أن جريمة الإبادة الجماعية تتداخل في جوهرها مع الجرائم ضد الإنسانية سواء من حيث إسنادها إلى القواعد العرفية الدولية أو من حيث زمن ارتكابها، فهي ترتكب في زمن السلم كما ترتكب في زمن الحرب([17])، لكن مع ذلك تختلف معها من حيث أنها تتميز بالصّفة الجماعية للضّحايا([18])، حيث تقع هذه الجريمة ضدّ مجموعة أفراد تنتمي لقومية معينة أو دين معين أو عرق محدّد، فإذا وقعت أفعال الإبادة ضدّ فرد أو ضدّ أفراد لا ينتمون لجماعة واحدة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية لا يشكّل ذلك جريمة إبادة.
وفي هذا الإطار، استعملت إسرائيل في تثبيت كيانها منذ بداية احتلالها لفلسطين وسيلة الإبادة الجماعية، حيث قامت بارتكاب المجازر الجماعية والحروب العدوانية وتدمير القرى والمدن وإتباع سياسة التصفية الجسدية بأحداث الطائرات والصواريخ([19])، وعلى الرغم من توقيع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية لاتفاق أوسلو، إلا أنّ الإبادة الجماعية مازالت هي العنصر المسيطر على ممارسات الحكومة والجيش الإسرائيلي التي تتّخذ من الإرهاب والإبادة الجماعية سياسة رسمية علنية في مواجهة الشعب الفلسطيني بكافّة الوسائل([20])؛ وإذا كانت هناك أحداث كبرى ووقائع جلية من وقت لأخر تكشف بشاعة تلك الممارسات مثلما حدث في دير ياسين، كفر قاسم، صبرا وشاتيلا؛ فإن هناك سياسة صهيونية نظامية مستمرة تتشابك حلقاتها لتفرز شبكة متكاملة من أعمال القمع وصور جريمة الإبادة بأبشع صورها([21]).
كما ظهر الاتجاه نحو نفس السياسة إثر عدوان 7 جويلية 2014، ففي 20 جويلية قصفت المدفعية الإسرائيلية بشكل عشوائي وعنيف حي الشجاعية شرق غزة وسقط أكثر من (60) قتيلاً ومئات الجرحى من المدنيين([22])، وبحدود الساعة السابعة مساء قصفت الطائرات الإسرائيلية إحدى الشقق السكنية بمنطقة الرمال وأدّى إلى مقتل تسعة مدنيين([23]).
المطلب الثاني: الجرائم ضد الإنسانية الممارسة في مواجهة الشعب الفلسطيني
يقصد بالجرائم ضد الإنسانية تلك الأفعال الجسيمة التي ترتكب ضد السكان المدنيين ويكون ارتكابها في نطاق هجوم واسع النطاق ومنهجي، سواء تم اقترافها في إطار النزاع المسلح أم في وقت السلم([24])، وقد حدد النظام الأساسي في المادة (7) منه 11 نوعا باعتبارها أفعالا ترقى إلى حد الجرائم ضد الإنسانية([25]).
وبمطابقة ما ورد في المادة (7) من نظام روما، نجد أنه قد عبر النظام الإسرائيلي عن طبيعته العدوانية بأكثر من صورة وأسلوب، وتفاوتت هذه الأساليب من حيث الحجم والنطاق والـتأثير والنتائج؛ فقد لجأت إسرائيل إلى الحروب بمختلف أنماطها وأنواعها، كما لجأت إلى الاعتداءات الحدودية([26])، وهذه الإجراءات قد تعددت ما بين الحصار والتجويع والقتل؛ ألا أنّ القتل العمد يعتبر من أشد هذه الإجراءات؛ لأنّه يستهدف الحق في الحياة بشكل مباشر([27])، كما قامت بتنفيذ عمليات اغتيال على نطاق واسع ضد شخصيات عربية وفلسطينية، وارتكبت العديد من المذابح وتخصصت وتفننت في إيجاد عصابات إرهابية ارتكبت أبشع المذابح التي عرفتها البشرية ([28]).
ويعتبر التعذيب من الجرائم ضد الإنسانية استناداً لأحكام المادة (8/و) من نظام روما، وأيضاً من جرائم الحرب استناداً للمادة (8/2/أ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والتي اعتبرت من جرائم الحرب المخالفات الجسيمة لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، ويعتبر ممارسة التعذيب بشكل واسع النطاق أو منظم جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة (7/أ/و) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد مارس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي”الشاباك” التعذيب مع المعتقلين الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى، رغم صدور قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية بتاريخ 16/أيلول عام 1999 الذي قضى فيه بعد قانونية أساليب التعذيب التي يستخدمها هذا الجهاز أثناء التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين([29]).
من ذلك أيضاً المجازر التي ارتكبها العدو الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في أعقاب الزيارة الاستفزازية التي قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلي “أرئييل شارون”، إلى باحة الحرم القدسي الشريف بتاريخ 28/9/2000، وقد تلاها في اليوم التالي صدامات عنيفة بين المصلين وقوات الشرطة الإسرائيلية في ساحة المسجد الأقصى، والتي وصل عدد ضحاياها خلال أول شهرين سبعة عشر ألف جريح ومصاب، وسيعاني عشرة بالمئة منهم من الإعاقة، و316 قتيل، كما أن 40% من الضحايا لا يتجاوز عمرهم سن الثامنة عشر، وقد استخدم الإسرائيليون في عدوانهم أساليب متعددة منها القذف بالأسلحة القاتلة، باستخدام البنادق العادية والآلية، وإدخال الدبابات، وإطلاق القذائف الصاروخية، وإطلاق النيران من الطائرات والهليوكوبتر ([30]).
وبموجب المادة (7/1/ك) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الأفعال التي تتسبب في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو الصحة العقلية أو البدنية؛ تعتبر من الجرائم ضد الإنسانية متى استخدمت في إطار واسع ومنهجي ضد السكان المدنيين. هذا وقد اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 2000 فلسطيني خلال انتفاضة الأقصى، وحوكم معظمهم أمام محاكم عسكرية إسرائيلية لا توفر لهم الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، كما بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال والقابعين في سجونها خارج حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، حتى نهاية عام 2000 حوالي 1600 أسير فلسطيني، وفق إحصائيات مؤسسة الضمير([31]).
ووفقاً للمادة (7/1/ه) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ فإن السجن أو الحرمان الشديد من الحرية البدنية بما يخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي يعد جريمة ضد الإنسانية، كما أن حجز الأشخاص خارج البلد المحتل يخالف أحكام المادة (76) من اتفاقية جنيف الرابعة، كما أن الإبعاد القسري للسكان الفلسطينيين يعتبر جريمة ضد الإنسانية.
إتباع سياسة قمع وإرهاب الشعب الفلسطيني وتصفيته جسدياً هناك سياسة إسرائيلية محكمة تهدف إلى فصم علاقة أبناء الشعب الفلسطيني بالأرض الفلسطينية، وتزداد هذه السياسة حدة وكثافة لاسيما مع استمرار العوامل الديمغرافية في إفراز نتائجها المدعمة للجانب الفلسطيني، ومن هنا فالسياسة الإرهابية الإسرائيلية تّعمل من خلال التوسّع في طرد الفلسطينيين خارج الأرض المحتلة وذلك بتصعيد أعمال القمع والإرهاب الّذي يزداد ضحاياه يوما بعد أخر ومع اندلاع الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الأولى في 9 ديسمبر عام 1987 وبعدها انتفاضة الأقصى المبارك في 28 سبتمبر عام 2000، تصاعدت أعمال القمع والإرهاب الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني وتحوّلت الأحداث إلى ما يشبه حربا ضروس تقودها آلة الحرب الإسرائيلية ضد الأطفال والشباب الّذين تتكون أسلحتهم من الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة المصنعة يدويا.
فقد كشفت سلوكيات جنود الاحتلال عن عدة تصرفات همجية في مواجهة شباب الانتفاضة؛ حيث تصدت القوات الإسرائيلية لحجارة المنتفضين بوحدات تقوم بارتكاب أعمال وصفها عمرام ميسناع قائد المنطقة الوسطى في استقالته أنها أعمال قذرة ودنيئة ومن قبيل هذه الأعمال إطلاق الرصاص الحي والمطاطي على المنتفضين، استخدام الغازات السامة، صلب الشبان العرب على واجهات العربات المدرعة الإسرائيلية، واقتحام المظاهرات والضرب والرجم بالحجارة حتَّى الموت باستخدام راجمات آلية تقذف كميات هائلة نحو المتظاهرين وتعمل آليا على دفنهم أحياء.
كما أدخل الجيش الإسرائيلي برنامجا للتدريب على مقاومة المظاهرات والإضرابات، تم وضعه ضمن برامج التدريب الأساسية للجيش، وهو البرنامج الّذي أطلق عليه رئيس الأركان الجنرال دان شومرون “برنامج التدريب على الأعمال الشاذة”، وفي الوقت نفسه قرّر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إسحاق رابين السماح لجنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي على الشبان الفلسطينيين، وذلك في إطار سياسته المعروفة “بتكسير العظام”، وقد أسفرت هذه الأعمال الإرهابية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 9/12/1987 وحتَّى منتصف سبتمبر 1989 عن سقوط (936) شهيداً و(46) ألف جريح و(6) ألاف معاق و(6) ألاف حالة إجهاض بسبب استخدام الغازات المحرمة دولياً([32]).
كما كان واضحا منذ اليوم الأول من الحرب على غزة عام 2014 استهداف الطائرات الإسرائيلية لمنازل المدنيين بقصد تدميرها كإجراء عقابي وتحريض السكان ضد حركات المقاومة([33])، فمثلا إحدى الغارات استهدفت بيت لعائلة كوارع في مدينة خان يونس وأدّت إلى مقتل سبعة أشخاص وأصيب (28) آخرون، بينما قتل (6) مدنيين جراء استهداف منزل يعود لعائلة حمد في بلدة بيت حانون.
وقد اعتبرت منظمة بتسيلم([34])، أنّ قصف بيوت عائلات أعضاء التنظيمات الفلسطينية المسلحة هو انتهاك للقانون الإنساني الدولي، وحتَّى يوم 13 يوليو ذكرت المنظمة أنّ (52) فلسطينياً قتلوا جراء الاعتداءات على البيوت من بينهم (19) قاصراً و(12) امرأة، وذكرت المنظمة أنّ عدد القتلى في عائلة كوارع كان(8) قتلى، وعائلة ملكة (3) قتلى، عائلة المصري 4() قتلى، عائلة نواصرة (4) قتلى، عائلة الحاج (8) قتلى، عائلة غنام (5) قتلى، عائلة البطش (17) قتلى، عائلة حمد (6) قتلى، كذلك قام الجيش الصهيوني بقصف أماكنّ تواجد المدنيين، حتَّى طال يوم 30 جويلية 2014 قصفه المساجد ومدارس الأونروا؛ فقد سقط هذا اليوم (129) قتيلًا فلسطينياً وأكثر من 400 جريح من المدنيين([35]).
كما كشف شهود عيان وسكان محليون عن إقدام قوات الاحتلال على إعدام عدد كبير من المواطنين شرق رفح جنوب قطاع غزة يوم 4/4/2014، وقال شهود لجريدة القدس العربي أن الجيش الإسرائيلي قام بتنفيذ عمليات إعدام في مواجهة كل من بقي بمنزله في المناطق التي تقدم بها في ظل القصف المدفعي والجوي وذلك بإطلاق النار على رؤوسهم، وأكدت مصادر طبية فلسطينية أن عدد كبير من الجثث التي تم انتشالها من شرق رفح من خلال المواطنين كانت مصابة برصاص في الرأس ولم يستشهدوا جراء القصف([36]).
كما تفرط القوات الإسرائيلية في استخدام الأسلحة التي تلحق أذى وإصابات شديدة بالفلسطينيين، من رصاص حي، ورصاص معدني مغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع، كما استخدمت في تفريق المتظاهرين الفلسطينيين كثيرا من أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، كاستخدامها للرصاص المتفجر من نوع (دمدم) الّذي ينفجر داخل الجسم ملحقا أضرارا كبيرة بأعضاء الجسم الداخلية، فنوعية الإصابات التي ألحقت بالفلسطينيين، تعكس نية قوات الاحتلال بإصابتهم إصابات قاتلة، حيث تركزت هذه الإصابات في الأجزاء العلوية من الجسم كالرأس والصدر([37])، ولم تتوان قوات الاحتلال عن استخدام الدبابات والرشاشات الثقيلة في مواجهتها مع الفلسطينيين؛ ممّا أدّى إلى قتل وتشويه العديد من المدنيين، حيث لّمْ تستطع عائلاتهم معرفتهم بسهولة([38])، كما استخدمت القوات الإسرائيلية طائراتها الحربية من نوع (إف-16) في قصف مراكز الشرطة الفلسطينية في رام الله ونابلس([39])، كذلك قامت بحقنّ أطفال الانتفاضة الأولى بفيروس الايدز، وإجراء التجارب الطبية المحرمة دولياً على أفراد المقاومة للتخلص من الإنسان العربي ومنع تكاثره([40]).
كذلك قامت إسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال على نطاق واسع ضد شخصيات عربية وفلسطينية، وارتكبت العديد من المذابح والمجازر وتخصصت وتفننت في إيجاد عصابات إرهابية ارتكبت أبشع المذابح التي عرفتها البشرية([41])، نذكر البعض منها على النحو التالي:
المذابح والمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني
كانت المذابح ولا تزال الوسيلة الرئيسية والأولى التي استخدمتها إسرائيل لإرهاب الفلسطينيين ووضعهم بين خيارين؛ إما مواجهة الموت قتلاً وإبادة وإما مغادرة الأرض والوطن، وبين هذين الخيارين تعرض الشعب الفلسطيني لسلسلة متواصلة من المذابح، والتي تمت كلها لتحقيق هدف واحد هو إبادة الشعب الفلسطيني وتصفيته جسديا([42])، وإذا كانت مذابح الفاكهاني عام 1981، وصبرا وشاتيلا عام 1982([43])، ومذبحة قانا عام 1996 قد استهدفت التصفية الجسدية للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في الخارج؛ فإن مذبحة دير ياسين عام 1948([44])، وكفر قاسم عام 1956 ومذبحة الخليل عام 1994 ومذبحة مخيم جنين عام 2002، استهدفت التصفية الجسدية للشعب الفلسطيني وتهجير من لّمْ تطلهم المذابح من أرضهم ودفعهم لمغادرة البلاد عن طريق بث الرعب في نفوسهم([45])، كما حولت إسرائيل بيت لحم وغزة وبيت جالا والخليل والضفة الغربية وغيرها من المدن الفلسطينية إلى مقابر تسقط فيها القتلى الفلسطينيين([46])، ومما يثير الانتباه في هذه المذابح أنّ منفذيها كانوا يعرفون ما يفعلون، فهم يقتلون لا يقاتلون الفلسطينيين([47]).
والمثير للسخرية أنّ الشعب الإسرائيلي ينتخب أشدّ اليهود وأكثرهم عداء للعرب والفلسطينيين، بل أصبح مرتكبو المجازر أبطال قوميين في إسرائيل، فمناحيم بيغن الّذي ارتكب في 9 أفريل 1948 مجزرة دير ياسينّ، أصبح رئيسا للحكومة فيما بعد، وإسحق شامير الّذي ترأس الفريق الّذي قام في 17 سبتمبر 1948 باغتيال مبعوث الأمم المتحدة السويدي الكونت برنادوت أصبح رئيسا للحكومة ووزيرا للخارجية([48])؛ إذْ يجد الإسرائيليون متعة في قتل الفلسطينيين، والحق يقال، فإنّهم قد تفننوا في ذلك، ويعجز القلم عن حصر المذابح التي اقترفتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني([49]).
وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19/11/2006 على قرار يطالب بإنهاء ما وصفه بجميع أنواع العنف بين إسرائيل والفلسطينيين في إشارة إلى جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، حيث أدان القرار المجزرة الشنيعة التي ارتكبتها إسرائيل في قرية بيت حانون شمال قطاع غزة في 8/11/2006 وطالبها بوقف العمليات العسكرية ضد المدنيين في الأراضي الفلسطينية وضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية إلى المواقع التي كانت تشغلها قبل تاريخ 28/6/2005، وطالب القرار “كوفي عنان” الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل بعثة لتقصي الحقائق حول مجزرة بيت حانون وتقديم تقرير عنها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة([50]).
انتهاج أسلوب الاغتيالات والتصفيات الجسدية
تعدُ الاغتيالات إحدى وسائل الإرهاب الإسرائيلي التي تستعملها في القضاء على أعدائها ([51])، كما تلجأ القوات الإسرائيلية دوما وبأوامر مباشرة من قبل قادتها السياسيين والعسكريين إلى استخدام أسلوب التصفية الجسدية.
أ-.أسلوب الاغتيالات
منذ إنشاء إسرائيل وهي تقوم باغتيال الشخصيات الفلسطينية داخل الأرض المحتلة وخارجها في إطار سياسة ممنهجة وحكومية يشرف عليها قادة إسرائيل العسكريون والسياسيون، واتسعت وتيرة سياسة الاغتيال بعد انتفاضة الأقصى عام 2000 وبشكل خاص في مواجهة القيادات الفلسطينية([52])، حيث استخدمت قوات الاحتلال الصورايخ الموجهة كالمروحيات العسكرية، كما قامت بتفخيخ السيارات وأكشاك الهواتف العمومية أو الرصاص الحي الثقيل في باقي عمليات التصفية([53]).
وبعد الأحداث التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001، وانطلاقاً من حملتها الدولية لمكافحة الإرهاب، ازدادت حدة سياسة الاغتيال الإسرائيلية بأنّ استغلت الحكومة الإسرائيلية هذه الأوضاع وتحركت في إطار حملة اغتيالات لأفراد المقاومة الفلسطينية، فقد قامت باغتيال عدة شخصيات من بينها الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، بحجة أنه لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها والقضاء على العناصر الإرهابية واصفة جميع حركات التحرر الفلسطينية بالمنظمات([54]).
كذلك، أقدّمت سلطات الاحتلال على استخدام طرق ملتوية للاغتيال، ومن قبيل هذه الطرق تشكيل وحدتين من الجيش الإسرائيلي تحت اسم “فرق الموت”؛ إذْ ينتحل أفراد هاتين الوحدتين صفة الصحفيين الأجانب لتصوير المظاهرات ويقومون بتجنيد قادتها لاعتقالهم واغتيالهم([55])، فمنذ بداية انتفاضة الفلسطينية أقر الأعضاء في الحكومة الإسرائيلية أنّ القتل خارج نطاق القضاء يشكل سياسة مقصودة ويتم تنفيذها بأوامر من الحكومة من خلال ما يعرف بلوائح القتل المستهدف([56])، حيث حولوا بعض الأسماء إلى طرائد بشرية يقوم الجيش الإسرائيلي بمطاردتهم وقتلهم بواسطة صواريخ موجهة إلى سياراتهم وبيوتهم وأماكنّ تواجدهم([57]).
كان هذا الأسلوب واضحا عندما تم قصف قطاع غزة بواسطة البوارج والطائرات الإسرائيلية بتاريخ 20/11/2000، حيث قامت بضرب فروع للأجهزة الأمنية الفلسطينية ولم تضرب المقرات الرئيسية، كما تبنت الحكومة الإسرائيلية في 24/11/2000 سياسة مهاجمة أهداف فلسطينية محددة بدلاً من أسلوب القصف الجوي، وانتقلت إلى ما يُسمى بحرب الاغتيالات ليفوق عدد الضحايا العشرة في سلسلة الاغتيالات الفردية، هذا بالإضافة إلى سلسلة الاغتيالات الجماعية التي لّمْ تتوقّف، وقد اعتمدت إسرائيل في ذلك على العملاء أو مستعربين أو حتَّى المستوطنين، في حين تعددت أساليب الاغتيال من قصف بالطائرات وتفجير السيارات والقتل على الحواجز، كما أشارت صحيفة هـآرتس الإسرائيلية إلى أنّ الجهات العسكرية أصبحت على ثقة من أنّ اغتيال مقاومي المنظمات الفلسطينية أثبت أنه أكثر جدوى([58])، كما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي عن استشهاد (121) قائداً ومقاتلاً خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 جويلية 2014 ([59])، كذلك قام الاحتلال الإسرائيلي باغتيال أعضاء القيادة العليا لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، نذكر منهم: رائد العطار، ومحمد أبو شمالة، ومحمد برهوم خلال قصف منزل في رفح جنوب قطاع غزة([60]).
ب- التصفيات الجسدية
تلجأ القوات الإسرائيلية دوما وبأوامر مباشرة من قبل قادتها السياسيين والعسكريين إلى استخدام أسلوب التصفية الجسدية المباشرة ضد كوادر المقاومة الفلسطينية الناشطين ميدانيا داخل الأراضي المحتلة أو خارجها([61])، حتَّى أنه لا يخفي القادة العسكريون والسياسيون الإسرائيليون لجوئهم إلى أسلوب التصفية الجسدية المباشرة بحق النشطاء السياسيين والعسكريين الفلسطينيين رغم مخالفة هذه السياسة للقانون الدولي([62])؛ ولا تتورع إسرائيل خلال تنفيذ سياسة التصفية أنّ تستخدم لذلك أسلحة مروعة يتسع أثرها ليتجاوز الهدف المقصود فهي تستخدم طائرات الأباتشي في ملاحقة المطلوبين؛ من ثمّ تطلق عليهم الصواريخ التي لا تصيب الهدف المقصود فقط؛ وإنَّما تمتد أثارها إلى الأهداف غير المقصودة، وتستخدم أيضاً قذائف الدبابات وأحيانا الطائرات الحربية المقاتلة، كما تزرع العبوات الناسفة التي تطال أشخاص آخرين غير الهدف المحدد وتتجاوز بذلك ما يعرّف بمبدأ التناسب وهو أنّ القوة المستخدمة يجب ألا تزيد عن المستوى المطلوب لوقف التهديد وأنّ يتناسب مع مدى التهديد كما حصل في عملة اغتيال القائد العسكري لحركة حماس مصطفى الديراني التي أصيب جرائها أكثر من 200 مدني فلسطيني.
تُبرر إسرائيل استخدامها لسياسة التصفية الجسدية المباشرة اتجاه الناشطين الميدانيين الفلسطينيين، بإدعاء أنهم متورطون في التخطيط أو القيام بعمليات عنف ضد جنودها ومستوطنيها أو أهداف أخرى داخل حدودها، رغم أنّ الواقع يشهد أنّ الكثير من عمليات التصفية الجسدية طالت أشخاصا عاديين لا علاقة لهم بأعمال المقاومة؛ ممّا يفند المزاعم الإسرائيلية ويُـؤكد أنّ سياسة التصفية التي تتبعها؛ إنَّما هي استمرار لمسلسل القتل الّذي تمارسه منذ عقود، لكن أيا كانت مبرّرات سياسة إسرائيل، فهي بموجب القانون تشكل عمليات إعدام صريحة خارج القانون وانتهاكا خطيراً لاتفاقيات جنيف وتعدياً صّارخاً على حق الإنسان في الحياة؛ ولهذا لابدّ على المجتمع الدولي أنّ يعمل على تقديم مرتكبيها إلى القضاء الدولي([63]).
المطلب الثالث: جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين
جرائم الحرب هي تلك التي ترتكب ضد قوانين وعادات وأعراف الحرب، سواء صدرت عن المحاربين أو عن غيرهم، وقد عرفتها المادة (6) من لائحة محكمة نورنمبورج بأنها» : أعمال تشكل انتهاكا لقوانين وأعراف الحرب« ([64]) ، كما يشكل جرائم حرب كل خرق خطير لاتفاقيات جنيف لعام 1949 وبرتوكوليها الإضافيين لسنة1977 ([65]).
أما المادة (8) فقرة (6/أ) من نظام روما الأساسي لعام 1998من فقد عرفت جرائم الحرب بأنها: »الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في عام 1949 والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف التي تنطبق في المنازعـات المسلّحة الدّولية في إطار القانـون القائم حاليا والانتهاكـات الجسيمة للمادّة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف في حالة نزاع مسلّح غير دولـي والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف المطبقة في المنازعات المسلّحة غير الدولية « .
وبالنسبة لزمن ارتكاب جرائم الحرب هو فترة بدء العمليات الحربية، ومحل هذه الجرائم أو موضوعها قد يكون الإنسان بصفته مدنيا أو أسيرا أو جريحا، وقد تكون أمواله الخاصة أو قد تكون الأموال العامة أو مجرد استعمال أسلحة محظورة أثناء العمليات العسكرية، وعند الرجوع إلى تكييف ما قامت به قوات الاحتلال في العراق ولغاية اليوم، فإنه يتيقن لدينا بشاعة استمرار قوات التحالف في ارتكاب العديد من المخالفات الجسيمة والتي تدخل في إطار جرائم الحرب التي عددتها المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. فقوات الاحتلال قد قامت، ودون تفرقة باستهدف المحتل الإسرائيلي قتل المدنيين العزل، ويعتبر القتل المتعمد من المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة تحديداً للمواد (146،147) والتي تعتبر مخالفتها من جرائم الحرب استناداً للمادة (85/5) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1977، وهذا ما تؤكده المادة(8/2/أ) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
كما قامت قوات الاحتلال بتنفيذ إعدامات خارج نطاق القضاء، حيث نفذت سلسلة من عمليات الاغتيالات بحق عدد من الشبان الفلسطينيين، وسياسة الاغتيالات التي نفذها الإسرائيليين بطريق الغدر والخداع من جرائم الحرب استناداً لأحكام المادة (23/ب) من اتفاقية لاهاي الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907، والتي تحظر قتل أفراد ينتمون إلى دولة معادية أو جيش معاد أو إصابتهم غدراً([66])، وهو ذاته ما جرمته المادة (8/ب/11) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية واعتبرته من جرائم الحرب، كما ارتكبت قوات الاحتلال جرائم حرب في العملية العسكرية التي قامت بها في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين بتاريخ 3/4/2002، وقد أوصت منظمة مراقبة حقوق الإنسان بإجراء تحقيقات جنائية لتحديد المسؤولية الفردية عن الانتهاكات الخطيرة التي وصفتها بأنها جرائم حرب([67])، ونجد هذا متوافقاً وأحكام المادة (8/ب/1) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وقام المحتل الإسرائيلي بارتكاب أبشع الجرائم وأفظعها بحق الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى؛ فقتل ما يزيد عن 497 وهذا خلال إعادة احتلاله للمناطق الفلسطينية من شهر 2-5/2002، كما تم جرح نحو 1447، وقد اعتبرت المادة (8/أ/3) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعمد أحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو الصحة من جرائم الحرب.
كما قام الإسرائيليون بفرض حظر التجول على مدار الساعة في المدن والقرى والبلدات ومخيمات اللاجئين، مما أثر بحياة ما يقدر بمليون شخص، عاش بعضهم في ذلك الحظر لمدة سبعة أيام، كما عاش البعض الآخر لفترات أكثر من ذلك دون وجود الأمور الضرورية للحياة بمتناولهم، مما أدى لحرمانهم من الغذاء، ودون إمكانية حصولهم على إسعافات أولية، كما شل كافة الجوانب الحياتية مثل التعليم، ومنع حق العبادة، وهذا كله يشكل جرائم حرب يحظرها القانون الدولي، وتنكرها الأعراف والمبادئ الدولية السائدة.
ووفقاً للمادة (8/ب/5) من نظام المحكمة الجنائية الدولية يعتبر تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية للسكان المدنيين، على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف جريمة حرب. ولا زالت إسرائيل ترتكب تلك الجرائم، كما أنها مارست جريمة الاعتقال التعسفي، والإبعاد القسري للمدنيين، وقامت بقتلهم وتعذيبهم([68]).
واستناداً للمادة (8/ب/8) من نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية؛ فإنه يعتبر من جرائم الحرب إبعاد أو نقل جزء من سكان الأرض المحتلة إلى دولة الاحتلال أو خارج الأراضي المحتلة، كما يعتبر من جرائم الحرب الحرمان المتعمد للمعتقلين أو أي شخص محمي من حقه في محاكمة عادلة وبصورة قانونية دون أي تحيز، وهذا استناداً للمادة (131) من اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949، والمادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام (1949)، والمادة (8/ب/6) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ([69]).
وقد اعتبرت المادة (8/ب/4) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعمد توجيه الهجمات ضد المباني، والمواد والوحدات الطبية، ووسائل النقل والأفراد من مستخدمي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات القانون الدولي، من قبيل جرائم الحرب.
كما يقوم المحتل الإسرائيلي ببناء البؤر الاستيطانية، وينقل مواطنيه إليه ويسمح لهم بحمل السلاح، وتؤمن لهم الحماية الكافية في الحالات التي يعتدون فيها على المواطنين الفلسطينيين العزل؛ ووفقاً للمادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والمادة (85) من البروتوكول الإضافي الأول لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها.
وقصفت قوات الجيش الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى بالأسلحة الثقيلة عدداً من منازل المواطنين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك زعماً منها بإطلاق نار على الجنود الإسرائيليين، ولكن الحقيقة أن تلك العمليات كانت تتم بشكل انتقامي دون وجود أي ضرورة، وقد بلغ عدد البنيات السكنية والمنازل الفلسطينية التي دمرت بالكامل خلال انتفاضة الأقصى لغاية تاريخ 25/5/2001 ما يزيد على 226 منزلاً في قطاع غزة، و333 منزلاً في الضفة الغربية، وتجاوز عدد البنايات التي تعرضت للقصف ال 4000 بناية، و12 كنيسة، و108 بئر ماء، و29 جامعاً([70]).
ووفقاً لنص المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والمادة (85/5) من البروتوكول الأول، ووفقاً للمادة (8/أ/4) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛ يعتبر تدمير واغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق واسع من المخالفات الجسيمة للاتفاقية، كما نصت المادة (8/ب/4) من النظام الأخير تعتبر تعمد شن هجوم مع العلم أنه سيسفر عن أحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل، وشديد للبيئة الطبيعية، يكون إفراطه واضحاً بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة من جرائم الحرب.
واعتمدت إسرائيل سياسة القتل العمد بشكل منهجي وثابت منذ احتلال الأراضي الفلسطينية لإرهاب وترويع الفلسطينيين وتصفية عناصر المقاومة، وعلى الرغم من أنّ هذه الجرائم تتم في إطار فردي ألا أنّ تكرار ممارستها يجعلها تتم في صورة تقترب من مذابح القتل الجماعي([71])، نتيجة استعمال الأسلحة والذخائر والغازات المحرمة دولياً لإبادة أكبر عدد ممكنّ من الفلسطينيين([72])وتعريض من يتبقى منهم للمعاناة الدائمة([73])؛ ممّا يظهر بجلاء حقد ووحشية وهمجية الجندي الإسرائيلي ومعاداته لأبسط المفاهيم الإنسانية وتقاليد وأعراف الحرب التي ترسخت في المواثيق الدولية.
فخلال انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر عام 2000([74])، جوبهت الهبة الجماهيرية الفلسطينية بقوة شديدة من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث ارتكبت إسرائيل أبشع الاعتداءات ضد المنتفضين من قتل واغتيال وتصفيات([75])، وسقط في الأيام الخمسة الأولى للانتفاضة (53) شهيدا، وبلغ عددهم حتَّى تاريخ 31/7/2001 حوالي (544) شهيدا، وبلغ عدد الجرحى أكثر من (14000) جريحا([76])، كما قامت القوات الإسرائيلية في نفس التاريخ بإعدام (46) فردا من أفراد المقاومة الفلسطينية خارج نطاق القضاء، كما استشهد (16) آخرون من المدنيين أثناء تنفيذ القوات الإسرائيلية لعمليات الإعدام([77])، ولّمْ يسلم الصحفيون ومراسلي وكالات الأنباء العالمية والمحلية من بطش القوات الإسرائيلية والمستوطنين المتطرفين أثناء تصويرهم وتغطيتهم لأحداث الانتفاضة، حيث بلغت عدد الإصابات بينهم حتَّى شهر ماي 2001 (45) صحفيا فلسطينياً وعدد القتلى الإجمالي حتَّى تاريخ 20/4/2001 (104) صحفي ومصور، وقد أصيب (45) منهم بالرصاص الحي وشظايا القنابل([78]).
بالتعمق في تفاصيل الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، نجد أنّ حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من تلك الجرائم؛ فعدد الأطفال ممن هم دون الخامسة عشر والّذين قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي بلغ (433) طفلا فلسطينياً وأنّ عدد البنات والنساء الّذين قتلوا خلال السنوات الثلاث بلغ (129) فلسطينية([79])، كما أشار تصريح صدر عن مؤسسة القانون في 27/11/2000 أنه قد سجلت حالات كثيرة سقط فيها فلسطينيون على أيّدي جنود ومستوطنين إسرائيليين بشكل متعمد وكانت معظم حالات القتل تتم على أيّدي قوات خاصة تسمى المستعربين أو قناصة من مسافات قريبة، وبلغت نسبة الأعمال الدامية للمستعربين من مجموعات القتل الإرهابية، حسبما جاء في التقرير نفسه 3.5%([80]).
كذلك ورد في تقرير إحصائي حول جرائم إسرائيل أصدره “مركز المعلومات الوطني الفلسطيني” خلال الفترة من 28 سبتمبر عام 2000 حتَّى نهاية شهر أوت 2003، جاء فيه أنه سقط خلال تلك الفترة ما يصل إلى (2750) شهيداً فلسطينياً من بينهم (490) طفل دون 18 وتجاوز العدد الإجمالي للجرحى (25) ألف فلسطيني ووصل عدد المعتقلين إلى نحو (7389) معتقل من بينهم (170) دون سن السابعة عشر([81]).
كما ساهم وشارك بصورة فعالة في هذه الاعتداءات، المستوطنين الإسرائيليون المدججون بالسلاح، حيث تشكلت جماعات مسلحة تجوب المناطق المحيطة بالمستوطنات وتشن غاراتها وحملاتها المسلحة على سكان المخيمات والقرى الفلسطينية المجاورة، واستغل المستوطنين هنا مقولة جابوتنسكي القائلة: «إنّ الصهيونية هي استيطان ولذا فهي تحياَ وتموت مع قضية القوة المسلحة»، منّ ثم؛ فقد حول المستوطنين منازلهم إلى ما يشبه الثكنات العسكرية، وبدءوا بالتحرش بالمواطنين الفلسطينيين لإيمانهم بدور العنف في تثبيت أركان السيطرة الصهيونية على الأراضي الفلسطينية ([82])، وقد ساندتهم في ذلك الحكومة الإسرائيلية عن طريق مساعدات وإعانات مادية وعسكرية من وزارتي الدفاع والداخلية وبكميات هائلة، بالإضافة إلى قيام الجيش الإسرائيلي بتدريبهم على أعمال الرماية والقنص ([83]).
كما شهد عام 2002 تصعيداً غير مسبوق في جرائم الاحتلال التي طالت بصورة أو بأخرى كل عائلة وفرد في الأراضي الفلسطينية المحتلة([84])؛ فقد اقترفت قوات الاحتلال المزيد من جرائم القتل ضد المدنيين الفلسطينيين بما في ذلك جرائم القتل خارج القانون (الاغتيالات السياسية) ([85])، واستخدمت في عملياتها مختلف أنواع الأسلحة والعتاد الحربي([86])وفي معظم الأحيان كانت الأهداف المقصودة تقع في مناطق مكتظة بالسكان والمباني السكنية؛ ممّا زاد من حجم التدمير وعدد الضحايا من المدنيين([87])، كما أنّ ما حدث في رفح في شهر ماي من عام 2004([88])، ما هو ألا دليل على ذلك([89]).
في هذا المجال نذكر، ما أعلنه كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس هيئة الأركان عن سياسة القتل المستهدف بتاريخ 8/11/2005 وهو المصطلح الّذي تطلقه إسرائيل على جرائم القتل العمد خارج إطار القضاء، وبهذا يكون هذا الإعلان قد عكس وبشكل واضح توافر الإرادة المتعمدّة لإلحاق أبشع أنواع الأذى بالفلسطينيين، ولم يقف تشريع القتل عند هذا الحد، بل أنّ المحكمة الإسرائيلية العليا رفضت بتاريخ 14/12/2006 إلتماساً قدّمته اللّجنة الإسرائيلية ضد التعذيب مفاده الاعتراض على عمليات الاغتيال التي ينفذها المحتل بحق الفلسطينيين، وجاء في القرار الصادر عن المحكمة ما مفاده: «استحالة حـظر أو السّماح كليا بانتهاج سياسة القتل العمد»، وهذا يعني أنّ المشرع الإسرائيلي أعطى سياسة القتل العمد بعداً قانونياً([90]).
كما أنّ ما حدث إثر العدوان على غزة أو بما يعرّف “بعملية الرصاص المصبوب” خلال الفترة ما بين 27 ديسمبر 2008 إلى 19 جانفي 2009، يًعتبر من أبشع الحروب وأكثرها فضاعة وإجراما وينطبق عليه بكل موضوعية صفة إرهاب الدولة([91])؛ فقد استعملت إسرائيل خلاله كل الأسلحة المحرمة كقنابل الفوسفور الأبيض والأسلحة قيَّد التجارب (مثل قنابل الدايم، ورصاص دم دم)، فضلاً عن أسلحة من المعتاد استعمالها كطائرات الأباتشي والمدفعية الثقيلة والدبابات والزوارق الحربية، وألقيت ألاف الأطنان من القنابل المنهمرة دون تمييز فوق المدن والأحياء والأبنية، في خرق لا مثيل له للقانونّ الدولي([92])، كما استشهد بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة سنة 2009 ما مجموعه (1500) فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال ونيرانه([93])، من بينهم (1148) في قطاع غزة و(33) في الضفة الغربية بما في ذلك القدس، وكان ضمن الشهداء (473) دون سن 18 سنة و(126) امرأة؛ فقد تصدر شهر جانفي قائمة الأشهر بواقع (1076) شهيداً لذلك فهو يعد أكثر الشهور دموية في تاريخ الصّراع العربي الإسرائيلي منذ عام 1967 ([94])، كما دمرت إسرائيل خلاله آلاف البيوت والمنشآت المدنية، وجزءاً كبيراً من البنية التحتية ومرافق المياه والبيئة، واستخدمت أسلحة محرمة دولياً؛ كما ورد في عشرات التقارير القانونية المحلية والدولية وعلى رأسها التقرير المعروف باسم “تقرير لجنة جولدستون”، وكذلك عدوان نوفمبر لسنة 2012 الذي لم يستمر لمدّة طويلة، إلا أنه أوقع خسائر في الأرواح بين المدنيين كما استهدف أملاكهم ودمر عشرات البيوت والمنشآت المدنية([95]).
كذلك نتج عن العدوان الإسرائيلي على غزة الّذي بدأ فعلياً يوم 7 جويلية 2014 استشهاد أكثر من (2175) فلسطينياً بينهم (530) طفلا و(302) امرأة بينهن أكثر من أربعين مسنة، و(23) من الطواقم الطبية و(16) صحفيا و(11) من موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وبلغ عدد الجرحى (10870) فلسطينياً جريح معظمهم من الأطفال (3303) طفلاً و(2101) امرأة ([96])، ووفقاً لمئات الأدلة الموثقة استخدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي القوة المفرطة المفضية إلى الموت ضد المدنيين الفلسطينيين في ظروف لا تُبرر مثل هذا الاستخدام ودون أنّ ينشأ تهديد لحياة تلك القوات([97]).
لا شك أنّ الأعمال السابقة، تعدُ من جرائم الحرب، كما يعد القتل العمد من المخالفات الجسيمة لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 الخاصة بحماية المدنيين وتحديداً المادتين (146) و(147)، كما أنّ مهاجمة الصحفيين انتهاك لأحكام المادة (79/أ) من البروتوكول الأول لعام 1977.
المبحث الثالث: الإمكانيات المتاحة لفلسطين بتحريك دعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية
بينت المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الجهات التي لها الحق في اللجوء أو الإدعاء أمام المحكمة، وذلك بقولها :” للمحكمة أن تمارس اختصاصاتها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 1 وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية
أ . إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام.
ب . إذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت .
ج . إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم “.
فهل يمكنها بهذه الصفة التوجه للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني على جرائمهم؟ وما هي الإمكانيات القانونية المتاحة أمام الفلسطينيين لمقاضاة الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية؟ .
وفقا لميثاق روما، تختص المحكمة الجنائية الدولية في ثلاث حالات هي: (1) إذا ارتكبت الجرائم في أراضي إحدى الدول الأطراف؛ (2) إذا تم ارتكاب الجرائم قبل مواطني إحدى الدول الأطراف في أي مكان في العالم؛ أو (3) من خلال الدول غير الأطراف التي تعلن قبول اختصاص المحكمة وفقا للفقرة الثالثة من المادة 12 من الميثاق.
بشكل عام، تختص المحكمة بعد مرور ستين يوما من تاريخ انضمام الدولة لميثاق روما، وبهذا لا يمكن للمحكمة أن تختص بالجرائم التي وقعت في قطاع غزة مؤخرا، لكن يمكن للمحكمة أن تختص بأثر رجعي ابتداء من تاريخ 1 تموز/ يوليو 2002 إذا قدمت الدولة تصريحا تعلن فيه قبول اختصاص المحكمة وفقا للفقرة الثالثة من المادة 12 من الميثاق بشأن جرائم معينة منذ ذلك التاريخ.
المطلب الأول: الجهات التي يحق لها تحريك الدعوى أمام المحكمة
أما بالنسبة للجهات التي يحق لها تحريك الدعوى أمام المحكمة فهي ثلاثة: (1) حكومة الدولة العضو؛ (2) المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية من تلقاء نفسها دون شكوى من أي دولة بشرط أن تكون الدولة طرفا؛ (3) من خلال مجلس الأمن بقرار يتخذه بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا كانت الجرائم تهدد الأمن أو السلم الدوليين.
في كل هذه الأحوال، يجب أن تكون الجرائم مرتكبة في أرض إحدى الدول الأعضاء أو من خلال أحد مواطني دولة عضو، فإذا أصبحت فلسطين طرفا في المحكمة بموجب طلب العضوية أو الإعلان بموجب الفقرة 12(3) المذكور أو من خلال الإحالة من قبل مجلس الأمن، بغض النظر عن الجهة التي ترتكب الجريمة، سواء في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، أو قطاع غزة([98])، هذا ما سنتناوله بالدراسة في الفروع التالية على النحو التالي:
الفرع الأول: تحريك الدعوى من قبل مجلس الأمن
منح مجلس الأمن سلطة الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية جنباً إلى جنب مع الدول الأعضاء والمدعي العام للمحكمة، وذلك فيما يتعلق بأحد الجرائم المنصوص عليها في المادة 1 من نظام روما الأساسي إذا كانت تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين وذلك استناداً إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حيث نصت المادة (13) من نظام روما الأساسي على أنه:” للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 1 وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية: ب_ إذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت”([99]).
إذن أي دولة من الدول الخمسة عشر في مجلس الأمن تستطيع لفت نظر المدعي العام للمحكمة إلى جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، ولكن هذا لن ينطبق على الوضع الفلسطيني بسبب الفيتو الأمريكي.
ومما يلفت النظر بأن نص الفقرة_ب_ من المادة 34 يمنح مجلس الأمن سلطة إحالة حالة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لا يشترط أن تكون هذه الحالة قد وقعت في دولة طرف في النظام الأساسي مما يجيز للمجلس إحالة قضايا تتصل بدولة غير طرف خلافاً للقاعدة الواردة في المادة 39 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 التي تنص على أنه: “لا ترتب المعاهدة أي التزامات على دولة ثالثة ولا أية حقوق لها من دون موافقتها “([100]).
وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يقف مجلس الأمن ساكناً حيال الانتهاكات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الدولة الفلسطينية أرضاً وشعباً وحكومةً، دون أن يقوم بإحالة أي من هذه الانتهاكات والجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى تأخذ العدالة مجراها، فها هي حرب غزة عام2008-2009م، وأيضاً عامي 2012 و2014 م وغير ذلك من الجرائم والانتهاكات، فأين أنت يا مجلس الأمن؟
إن ازدياد الكيان الصهيوني في التمادي على انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني بحق الدولة الفلسطينية أرضاً وشعباً وحكومةً قد يؤدي إلى حدوث انتفاضة أقصى ثالثة من شأنها أن تهدد السلم والأمن الدوليين من خلال امتداد آثارها لدول الجوار، الأمر الذي يوجب على مجلس الأمن التحرك السريع لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحكمة الجنائية الدولية .
وقد خول نظام روما الأساسي لمجلس الأمن سلطة خطيرة تتمثل في حقه بإرجاء التحقيق أو المقاضاة لمدة اثنى عشر شهرا في أي دعوى منظورة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ويظهر ذلك في نص المادة 16 من نظام روما الأساسي والتي تنص على أنه: “لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها”.
من الواضح، أن هذه المادة تشكل قيداً أشد وأقسى على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، هذا القيد الذي يغل يد المحكمة من الاستمرار في ممارسة اختصاصها في نظر أية دعوى وفي أية مرحلة كانت عليها الدعوى ابتداءً من التحقيق والى ما قبل إصدار الأحكام لمدة قد تكون لا نهاية لها، ما دام وقف الإجراءات هذه هي لمدة سنة قابلة للتجديد لمرات غير محددة بالنظر للإطلاق الذي ورد عليه النص المتقدم ما دام مجلس الأمن راغباً في ذلك وليس لأي اعتبار آخر بما في ذلك المجني عليه، الذي لم يحسب له أي حساب([101]).
وحقيقة الأمر أن الولايات المتحدة لم يشبعها البتة انصراف اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على نحو تبعي ولم يشبعها كذلك من جانب آخر غلها أيدي المدعي العام ، فالواقع أنه لكي يكتمل لهذه الدولة الديمقراطية التيقن البات من إخضاع المحكمة المستحدثة لقرارها السيادي، فقد صارت إلى حشد دبلوماسيتها للعصا والجزرة بغية فرض اقتراح لها أريد به الإجهاض الكامل لميثاق روما ذاته، إذ كان من مؤدى هذا الاقتراح، الذي قدر له أن يدرج داخل ذلك الميثاق رغماً عن إرادة مجمل المؤتمرين، أن يخول مجلس الأمن متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة مكنة تقرير إرجاء النظر في مجمل الادعاءات المرفوعة أمام المحكمة من قبل الدول والمدعي العام على حد سواء، وعلى نحو صارت معه هذه المكنة غير مقيدة بأي قيد زماني أو مادي، والحقيقة أن هذا الاقتراح القبيح _ ضمن على حاله داخل المادة السادسة عشر من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .
وبهذا، إن سلطة مجلس الأمن في وقف التحقيق أو المحاكمة لأي دعوى مرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية من شأنه أن يعرقل نظر المدعي في الشكاوي التي يمكن للدولة الفلسطينية رفعها ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، من خلال قيام الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها الأم الحاضنة المدافعة عن دولة إسرائيل بالضغط على الدول الأعضاء في مجلس الأمن لاستخدامها لحق النقض الفيتو لإصدار طلب بوقف التحقيق والمحاكمة في هذه الشكاوي، والذي له الحق للأسف أن يعيد تكرار هذا الطلب مرارا وتكرارا بذات المواصفات والشروط التي استند إليها الطلب الأول، مما يؤدي ذلك إلى ضياع العدالة الجنائية الدولية وإفلات المجرمين من العقاب([102]).
الفرع الثاني: تحريك الدعوى من قبل المدعي العام
بينت المادة 13 من نظام روما الأساسي أنه ” للمحكمة أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجريمة مشار إليها في المادة 1 وفقاً لأحكام هذا النظام الأساسي في الأحوال التالية: ” ج- إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق فيما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15″.
إذا لم تبادر أحد الدول الأعضاء في النظام الأساسي بطلب تحريك الدعوى ولم يقم مجلس الأمن بذلك، فإن النظام الأساسي يجيز للمدعي العام مباشرة التحقيق في حال توافر المعلومات على وجود جرائم تدخل ضمن اختصاص المحكمة([103])، وبحسب ما جاء في المادة 15 من النظام أن يباشر التحقيق من تلقاء نفسه إذا ما توافرت المعلومات اللازمة لهذا الإجراء([104])، وهذا برأينا يشكل قيداً على عمل المدعي العام، كما يوجد قيد آخر نصت عليه المادة (18) من نظام المحكمة المذكورة يتمثل في وجوب قيام المدعي العام إشعار الدول الأطراف وأي دولة يرى أنه من عادتها ممارسة ولايتها على الجرائم موضع النظر بناء على ما لديه من معلومات، كما يجب عليه أن يتنازل عن التحقيق إذا ما كانت دولة طرف مختصة به وطلبت ذلك.
بناء على ما ذكر، هناك من يجد أنه يمكن استخدام الولاية الجنائية للدول الأطراف باتفاقية جنيف لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وذلك وفقاً لما ألقته المادة (1) من تلك الاتفاقية على الدول الأطراف من التزام باحترام الاتفاقية، والعمل الجاد وفق ما تراه مناسباً لاحترامها، وإسرائيل دولة طرف في هذه الاتفاقية، وعليه فمن واجب الدول الأطراف أن تتدخل بشكل جدي لإلزام إسرائيل على احترام الاتفاقية والالتزام بما جاء فيها من حقوق للسكان المدنيين وضمان حمايتهم، وألزمت المادة (146) من هذه الاتفاقية الدول الأطراف بملاحقة المتهمين باقتراف المخالفات الجسيمة أو الأمر باقترافها، وتقديمهم إلى المحاكمة أياً كانت جنسيتهم، وعليه فإن اختصاص المحكمة سيشمل إسرائيل ولو كانت غير طرف في المحكمة، وذلك نظراً لانتهاكها أحكام القانون الدولي، دون توقف ذلك على موافقتها، باعتبارها دولة طرف في اتفاقيات جنيف([105]).
أثبت الواقع أن المدعي العام، لا يتوخى العدل وإحقاق الحق في التحقيق في الجرائم التي ارتكبت بعد قيام المحكمة، فقد شعر العالم كله وباعتراف المسؤولين الأمريكيين بالجرائم التي ارتكبت في معتقل أبو غريب، وهي جرائم تخضع جميعها لاختصاص المحكمة، وأن الولايات المتحدة قد أحالت بعض القائمين بارتكاب هذه الجرائم إلى محاكمها، غير أن المدعي العام لم يحرك ساكناً ولم يطلب التحقيق في هذه الجرائم، وهذا يدل بوضوح على عدم حياد النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية في جرائم ثابتة ومعروفة، كما شاهد العالم وعبر شبكات الإعلام، الجرائم التي ارتكبت من ديسمبر 2008 إلى غاية جانفي 2009 قبل إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في عدوانها على غزة بتاريخ 2012 و2014 وعلى الرغم من الأصوات المتعالية والتقارير الدولية الصادرة من مؤسسات حكومية ومنظمات حكومية وغير حكومية، فإن المدعي العام لم يحرك ساكناً.
الفرع الثالث: تحريك الدعوى من قبل دولة طرف في النظام
لا يوجد في ميثاق الأمم المتحدة أي مواد قانونية تشير إلى طبيعة ومكانة الدولة المراقب في الأمم المتحدة، ولكن من خلال الممارسات العملية في الأمم المتحدة يتبين أنه يحق للدول بصفة مراقب الانضمام إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية من خلال الهيئات التعاقدية، وذلك بقياسها على تجربة الكرسي الرسولي وقرار الجمعية العامة بهذا الشأن([106]).
إن حصول فلسطين على دولة مراقب سيزيد فرصتها بملاحقة مرتكبي الجرائم الإسرائيليين، ذلك أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يوفر مجالاً هاماً للفلسطينيين للإنصاف، على خلاف محكمة العدل الدولية لم يكن دور المحكمة الجنائية ينحصر في تقرير ما إذا كانت فلسطين دولة أم لا، وإنما يتمحور دور هذه المحكمة على تحديد ما إذا كان يمكن اعتبار فلسطين دولة لغايات نظام روما الأساسي([107]).
وعليه يمكن أن يقرر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن فلسطين تمثل دولة لغرض المحكمة، ومن أجل إنفاذ نظام المحكمة وغاياتها، وقد صرح “بان كي مون” الأمين العام للأمم المتحدة بأن وضع فلسطين الجديد ورفع مرتبتها إلى دولة مراقب، يؤهلها للانضمام لوكالات الأمم المتحدة كافة، وأن قرار انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية هو شأن فلسطيني يقرره الفلسطينيون بأنفسهم([108]).
واستناداً للمادة (125) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يفتح باب الانضمام إلى هذا النظام الأساسي أمام جميع الدول، وتودع صكوك الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة، ووفقاً للمادة (12) من نظام روما الأساسي يجب لممارسة المحكمة اختصاصها قبول الدولة التي تصبح طرفاً في النظام الأساسي اختصاص المحكمة فيما يتعلق بالجرائم.
وقد بحثنا في السابق الجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وتم تكييفها بأنها جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وجريمة عدوان، رغم ذلك لم تتوجه السلطة الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية، هذا وكان المدعي العام للمحكمة المذكورة “فاتو بنسودة” قد قال أمام ندوة دولية حول موضوع العدالة الانتقالية والعدالة الدولية في المنطقة العربية: معاهدة روما والمحكمة الجنائية الدولية”، أن المركز القانوني لفلسطين يؤهلها للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية، بعد الاعتراف بها في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولكن هناك من يعزو سبب تردد القيادة الفلسطينية في التوجه للمحكمة الجنائية الدولية حتى اليوم إلى التخوف من مسؤوليتها عن الأعمال التي تنطلق من أراضيها، خاصة العمليات العسكرية، وأعمال المقاومة المسلحة التي تنطلق باتجاه إسرائيل، ولا يؤيدون هذا التوجه. فيقولون أن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة ولم توقع على نظام روما الأساسي للمحكمة.
وبالتالي فهذه المحكمة ليست مختصة بالنظر في أي دعوى ضد إسرائيل، وعليه فالانضمام لعضوية المحكمة الجنائية قد يكون له نتائج كارثية على الفلسطينيين؛ لأن إسرائيل خارج نطاق المحكمة، لأنه من الممكن مقاضاة قوى المقاومة الفلسطينية على جرائم مفترضة بحق مدنيين إسرائيليين من عمليات تفجير الباصات إلى إطلاق الصواريخ على المدن، ويشيرون إلى تقرير جولدستون الدولي الذي أدان إسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب في العامين 2008-2009.
لكن هناك رأي آخر يرى أنه ينطبق على إسرائيل صفة السلطة القائمة بالاحتلال، وهي مسؤولة بموجب قواعد المسؤولية الدولية عن جرائمها، فالمسؤولية الجنائية الفردية التي نصت عليها المادة (227) من معاهدة فرساي لعام 1919، وأيضاً تم إرساء مبدأ المسؤولية الفردية في محكمتي نورمبرج وطوكيو، وتم تطبيقه عملياً بحق مجرمي الحرب الألمان واليابانيين، وهو ما يمكن الاستناد عليه كسوابق قضائية من أجل محاكمة الإسرائيليين على جرائمهم.
هذا وقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الولايات المتحدة أن يضمن طلب الاعتراف بدولة فلسطين ملحقاً ينص على عدم توجه الدولة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية بهدف الانضمام فيها، وهذا لم يحصل، لذلك هدد “سيلفان شالوم” النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة قادة حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية على إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، كما توجد ضغوط سياسية على الفلسطينيين؛ ذلك أن الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية أخرى ترفض توجه الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية، فهناك من يقدر أن الولايات المتحدة قد تقوم بخطوات شديدة ضد القيادة الفلسطينية، منها إمكانية إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، كما أن الولايات المتحدة كانت قد أبلغت القيادة الفلسطينية رسمياً أن رفضها حصول فلسطين على مكانة دولة غير عضو، نابع من أمرين أساسيين هما أن هذه المكانة تمكن فلسطين من الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتتيح لها عقد تحالفات عسكرية([109]).
ورغم ذلك، نرى أن الانتقال من المعركة السياسية ومناوراتها إلى المعركة القضائية تطوراً هاماً، كما أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مكسب كبير جداً؛ ذلك أنه حدد معظم الجرائم على أنها جرائم حرب أو ضد الإنسانية ويصف مرتكبيها كمجرمي حرب، وعليه فإن معظم الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني مشمولة بأحكام هذا النظام.
وقد ذكرنا أنه يمكن تحريك الدعوى الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية بطلب من الدول الأطراف في نظام المحكمة، أو الدول غير الأطراف والتي تودع إعلاناً لدى مسجل المحكمة تقبل فيه بممارسة المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بالجريمة، أو الإحالة من مجلس الأمن، أو تحريك الدعوى من قبل مدعي عام المحكمة من تلقاء نفسه فيما يتعلق بأي من تلك الجرائم.
ولو حاولنا تطبيق إحدى تلك الحالات على الوضع الفلسطيني فسنأخذ وضعها كدولة غير موقعة على اتفاقية روما، وهذا ما تناولته المادة (12/3) من النظام الأساسي للمحكمة والتي منحت الدول غير الأطراف في نظام روما حق القبول باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، في حال وقوع أي من الجرائم التي نصت عليها المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة على تلك الدولة أو على رعاياها، وعليه يمكن للمحكمة ممارسة اختصاصها بمواجهة الدول غير الأطراف في نظام روما الأساسي في حالتين:
أن تقبل تلك الدولة باختصاص المحكمة برضاها وفق ما نصت عليه المادة (4/2) من نظام روما.
إحالة دعوى من مجلس الأمن أو المدعي العام للمحكمة، وعليه يمكن للقيادة الفلسطينية الطلب من أحد الدول العربية الموقعة على نظام روما رفع أو تحريك الدعوى الجنائية ضد قادة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن إسرائيل ليست عضواً في المحكمة الجنائية، ولم توقع على نظامها؛ لذلك لا تملك المحكمة الجنائية الدولية صلاحية قضائية بشأن الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية([110]).
بناءً على ما سبق، نجد أنه لا يوجد مانع قانوني يمنع فلسطين من التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، فحصول فلسطين على دولة مراقب كانت له تبعات قانونية على المستوى الدولي، أهمها تغير المركز القانوني لدولة فلسطين، فيحق لها اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الإسرائيليين على جرائمهم البشعة بحق الشعب الفلسطيني، تحديداً تلك الجرائم المرتكبة بعد نفاذ نظام روما الأساسي، وجرائم الاستيطان والإبعاد القسري، بغض النظر عن تاريخ بدء هذه الجرائم باعتبارها من الجرائم المستمرة.
كما أنه يجب في سبيل ذلك تحديد إطار قانوني وطني سليم يسمح لها بالاضطلاع بدورها في إنفاذ القانون الدولي الإنساني، وذلك بإجراء تعديلات على القوانين الوطنية، وخاصة التشريعات الجزائية كي تشمل مسألة الولاية الجنائية الدولية، كي تستطيع ملاحقة مجرمي الحرب في المحاكم الوطنية وفق التشريعات الوطنية لها.
ويلزمها بعد ذلك قبول الإعلان الذي كانت قدمته سابقاً بعد تجديده، بحيث تنضم للنظام الأساسي للمحكمة وأن تؤكد قبولها الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة بحقها، ويجب أن تنضم إلى المعاهدات والاتفاقيات ذات الصلة، وهذا يحتاج إلى قرار سياسي فلسطيني.
وبناءً على ما سبق تمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصاً تلقائياً قسرياً على الدول الأطراف في نظامها الأساسي دون شرط الموافقة المسبقة لهذه الدول([111])، إذا كانت الجريمة قد ارتكبت في إقليم دولة طرف أو دولة غير طرف ولكنها قبلت باختصاص المحكمة بالنسبة للسلوك قيد البحث وذلك بموجب إعلان يودع لدى مسجل المحكمة، أو أن تكون الجريمة قد ارتكبت على متن سفينة أو طائرة مسجلة لديها ؛ أو أن تكون الجريمة قد ارتكبت من قبل أحد رعايا هذه الدول، وينبغي على الدولة غير الطرف والتي قبلت باختصاص المحكمة أن تتعاون دون أي تأخير أو استثناء مع المحكمة في الحالات السابقة وذلك استناداً إلى الباب التاسع من نظام روما الأساسي والمتعلق بالتعاون الدولي والمساعدة القضائية([112]).
واستناداً لما سبق، يحق للدولة الفلسطينية في حال توقيعها وتصديقها على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أن تقدم شكاوي ودعاوي للمحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم التي ارتكبتها دولة إسرائيل ومازالت ترتكبها بحق الدولة الفلسطينية منذ 1 جويلية 2002 وهو تاريخ بدء نفاذ النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أما بالنسبة للجرائم الإسرائيلية المرتكبة قبل ذلك التاريخ فلا تختص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر فيها.
نخلص أنه، في حال تم تحريك الدعوى ضد الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية، فإننا بالرجوع لأحكام وقواعد القانون الدولي التي تتعلق بانتهاك أشخاص القانون الدولي لالتزاماتهم الدولية وخرقها، نجدها قد ألزمت الطرف الذي ألحق الضرر بدولة أخرى واجب إزالة ذلك الضرر ووقف آثاره، وعليه يتوجب على الإسرائيليين وقف ممارساتهم غير المشروعة، وفي حال استحالة إعادة الحال إلى ما كان عليه يلزمها التعويض المالي لكل من تضرر من عدوانها؛ وذلك تنفيذاً لما جاء في المادة (3) من اتفاقية لاهاي الرابعة؛ حيث حملت الطرف المحارب المسؤولية عن تدمير وضبط الممتلكات التي ترتكب بمعرفة قواته المسلحة في أثناء الحروب على الأقاليم المحتلة.
كما نجد المادة (53) من الاتفاقية المشار إليها قد نصت على ضرورة تعويض الأشخاص الذين يتم الاستيلاء على ممتلكاتهم من وسائل المواصلات في الأراضي المحتلة، إذا دولة الاحتلال تسأل عن الضرر الذي لحق بالفلسطينيين نتيجة لأعمالها غير المشروعة، ويجب عليها التعويض عن الضرر وفق ما هو مقرر في أحكام المسؤولية الدولية.
وبالإضافة إلى حقوق الفلسطينيين المدنية، يساءل الإسرائيليين مسؤولية جنائية، بحيث يعاقب الأشخاص الذين أمروا أو خططوا أو نفذوا الأعمال غير المشروعة والتي تعتبر جرائم بمقتضى نظام المحكمة الجنائية الدولية، وبمقتضى قواعد القانون الدولي العام والإنساني([113])، وفي هذا الشأن، نجد المادة (146) من اتفاقية جنيف الرابعة، والمادة (88) من أحكام بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع، قد نصتا على حق الأطراف التي تضررت من اقتراف الغير لجرائم دولية بحقها في ملاحقة الآمرين بارتكاب هذه الجرائم ومرتكبيها، ومساءلتهم كمجرمي حرب أمام محاكمها الوطنية سواء أكانوا عسكريين أو رجال دولة أم من السياسيين([114]).
المطلب الثاني: العوائق التي تحول دون معاقبة إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني
في سياق فهم نقاط القوة والضعف لدى المحكمة، والدفوع القانونية التي يمكن إثارتها في مواجهة المخاوف المحتملة، وهي كالتالي:
أولا: الطابع الاتفاقي لإنشاء المحكمة الجنائية الدولية
تم إنشاء نظام للعدالة الجنائية الدولية على المستوى الدولي باعتباره مكمل وليس بديل للقضاء الوطني، وكانت هذه الاتفاقية نتيجة تلاقي إرادة مجموعة من الدول للمصادقة والانضمام للنظام الأساسي للمحكمة، لذا يشكل الطابع الاتفاقي لإنشاء هذه المحكمة أحد أهم العوائق التي سوف تعمل على الحد من عملها لأن قبول الدول باختصاص المحكمة متوقف على ارتضائها بالالتزام ببنود النظام الأساسي للمحكمة وهذا ما نصت علية المادة 12 فقره 1 من النظام الأساسي.
هنا لابد من الإشارة، إلى أن إسرائيل اعترضت في أثناء التصويت على النظام الأساسي للمحكمة، حيث أنها لا تعترف بصلاحية هذه المحكمة ولا باختصاصها القضائي، بل أكثر من ذلك عمدت إسرائيل بجانب حليفتها أمريكا على محاربة المحكمة منذ اليوم الأول لنشوئها من خلال عقد اتفاقيات دولية ثنائية مع مجموعة كبيرة من الدول لعدم التسليم لمطلوبين من مواطنيها للعدالة الدولية (الأمر الذي كان ظاهرا بقضية ليفني ببريطانيا)، مقابل مساعدات مالية وعسكرية واتفاقيات تعاون اقتصادي، حيث تمتنع هذه الدول بموجب هذه الاتفاقيات عن تسليم مواطنين الإسرائيليين لطرف ثالث، باعتبار أن إسرائيل أرادت دائما أن تعزز وجودها الدائم منذ نشأتها كدولة خارج معادلة احترام قواعد القانون الدولي، لذا ليس لها أي مصلحة موضوعية بأن تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية، وليس هنالك أي احتمال بوجودها كطرف بهذه الاتفاقية، ولكن يمكن أن يستغل الطرف الفلسطيني كون معظم مواطني إسرائيل يحملون جنسيات دول يمكن إن تكون منظمة للاتفاقية من أجل محاسبتهم على أفعال ارتكبوها أثناء تأديتهم الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي وهذه العملية تحتاج لجهد توثيقي عالي الدقة، بالطبع ممكن للإسرائيليين إن يستغلوا هذه المسالة لكن دون جدوى أو إنتاجية وهذا ما سوف نوضحه لاحقا .
وبالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لقواعد المحكمة المتعلقة بمبدأ التكاملية، فهي لا تستطيع أن تباشر عملها إلا في حال عدم وجود تحقيقات محلية أو ملاحقات قضائية صادقة، وقد بدأت إسرائيل بالفعل بتحقيقاتها الخاصة بشأن وفيات المدنيين في غزة، وفي حين أن مجتمع حقوق الإنسان قد قام بالتوثيق على نطاق واسع أسباب كون هذه التحقيقات معيبة بجوهرها، تبقى حقيقة أنه قد تم إجراء تحقيق جنائي محلي في بعض الحوادث على الأقل.
وعلى النقيض من ذلك، هنالك حالة أوضح بكثير ضمن قتال هذا الصيف، تتعلق بإطلاق جماعات فلسطينية مسلحة لصواريخ وقذائف على تجمعات سكانية إسرائيلية؛ فالأسلحة بحد ذاتها هي أسلحة عشوائية، وقد صرّح قادة عسكريون فلسطينيون في مناسبات عديدة أنهم يعتبرون المدنيين الإسرائيليين أهدافاً عسكرية مشروعة([115])، لذلك، ليس من الواضح أبداً أن المحكمة سوف تركّز على الأعمال العدوانية على غزة حتى لو مُنحت السلطة القضائية وبالفعل، فإن تركيز الاهتمام على قيام محكمة الجنايات الدولية بإجراء ملاحقة قضائية بشأن غزة هو أمر بغير محله، وبرأيي، فإن الملاحقة القضائية الدولية لجريمة المستوطنات في الضفة الغربية، سوف تكون قضية أقوى بكثير.
ثانيا: تدخل مجلس الأمن
لمجلس الأمن صلاحية إرجاء التحقيق والمقاضاة للمحكمة وهذا ما نصت علية المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية بقولها: – لا يجوز البدء في التحقيق أو المقاضاة بموجب هذا النظام لمدة 12 شهر بناء على طلب مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن مجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها “
هذه المادة تعطي صلاحية لمجلس الأمن بإرجاء التحقيق والمقاضاة لمدة محددة كما هو مذكور وهي 12 شهر دون تحديد الفترة القصوى التي يمكن لمجلس الأمن تمديدها تحت نفس الشروط، حيث يمكن أن يكون التمديد إلى ما لا نهاية، وهنا لم تنص المادة صراحة على صلاحية مجلس الأمن بعدم الموافقة على رفع دعاوي، أما المحكمة الجنائية الدولية حفاظا على استقلالية هذه المحكمة، وعدم تبعيتها السياسية لنفوذ الدول الأعضاء لمجلس الأمن لكن من الناحية العملية التأجيل المفتوح يعني الشطب الضمني للدعاوي التي لا يوافق عليها مجلس الأمن، حيث يكفي أن يصدر مجلس الأمن قرارا بصيغة تفيد أن تحريك دعوى من قبل الفلسطينيين يخل بالأمن والسلم على المستوى الدولي، وان هذا الإجراء من شانه تعقيد الصراع القائم بين الطرفين ليتم تأجيل النظر بالقضية بشكل متتالي، وبالتالي تعتبر كأنها لم تكن، وبالنسبة للشعب الفلسطيني فإن هيمنة أمريكا على مجلس الأمن بسبب استخدامها السيئ لحق النقض الفيتو لصالح إسرائيل السبب الرئيسي لطول عمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، لكن هنالك احتمال واحد للحيلولة دون إصدار مجلس الأمن لهذا القرار وهو أن تستخدم أحد الدول الخمس المتمتعة بحق النقض بمواجهة القرار الذي سوف تعمل على صياغة مسودته الولايات المتحدة، طبعا هذا الأمر غير مستبعد ومرهون بمدى الجهد المبذول من الدبلوماسية الفلسطينية والمتغيرات على مستوى العلاقات الدولية .
لكن يمكن لفلسطين أن تستخدم القضايا التي ترفع ضد إسرائيل للتفاوض عليها من أجل الحصول على مكاسب سياسية (مثل إطلاق سراح معتقلين، تفكيك مستوطنات، عودة لاجئين، انسحاب من أراضي معينة) مقابل تأجيل أو إسقاط قضايا معينة من قبل المجلس، ولحسن الحظ أن لفلسطين أصدقاء في مجلس الأمن، مثل روسيا والصين، الذين سيمنعون المجلس من تأجيل أو إسقاط قضايا دون موافقة الجهة المعنية وهي فلسطين، من هنا سنجعل إسرائيل تفاوض على قضايا وتهم تفصيلية قد تجبرها في النهاية على الانسحاب من دولة فلسطين المحتلة، فعلى سبيل المثال، فقط بعد الحرب على غزة عام 2008-2009، تم تقديم أكثر من 400 قضية (شكوى) فيها تهم جرائم حرب ضد إسرائيل.
ثالثا: التخوف الفلسطيني من محاكمة إسرائيل للمقاومة الفلسطينية
تتداول الأوساط الرسمية والشعبية الفلسطينية هاجس التخوف الذي يمكن أن تحدثه خطوة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية على مستوى الفلسطيني، من خلال الاعتقاد أنه من الممكن أن تستغل إسرائيل ذلك وتحاكم قيادات وعناصر المقاومة الفلسطينية، على أفعال المقاومة وخصوصا إطلاق الصواريخ على العمق الإسرائيلي والعمليات التي تنفذها المقاومة داخل إسرائيل، ذلك أن المحكمة لن تختص فقط بالأعمال أو الجرائم التي تقوم بها إسرائيل، وإنما بمجمل المخالفات كما تراها المحكمة، بمعنى أنه قد نكون من ناحية وطنية-سياسية متعاطفين مع المقاومين في قصف المناطق الإسرائيلية سواء كانت مدنية أو عسكرية، ولكن هذا قد يكون وفقاً للمحكمة مسألة قد ترقى إلى جريمة أو مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وبالتالي يتحول إلى جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية، وتكون فيها المحكمة مختصة بملاحقة الفلسطينيين، لذلك يجب أن نفكر ملياً في هذا الموضوع إذا أردنا بالفعل أن ننضم إلى المحكمة، من جهة أن نتوقف عن استهداف المدنيين بشكل كامل، وحصر المقاومة المسلحة على استهداف العسكريين فقط، إضافة إلى ابتكار وسائل جديدة للمقاومة.
نلاحظ أن هذا الطرح تعزز في أثناء عدوان الجرف الصامد على قطاع غزة سنة 2014، حيث قصفت المقاومة الفلسطينية المناطق الإسرائيلية بمئات الصواريخ، أدت إلى قتل وإصابة عدد من المدنيين الإسرائيليين لا يتجاوز العشرة، وقتلت المقاومة خلال الاجتياح البري لقطاع غزة 64 جندي إسرائيلي، بالمقابل قتلت إسرائيل أكثر من ألفين فلسطيني وأصابت أكثر من عشرة ألاف جريح وأصابت معظمهم بعاهات مستديمة، بالإضافة إلى هدم أكثر من ستة آلاف بيت للمدنيين الفلسطينيين بشكل كلي وخمسة آلاف أخرى بشكل جزئي، واستخدمت أكثر من أربعين ألف طن من المتفجرات.
نلاحظ هنا أننا أمام ضحية تقاوم بإمكانيات متواضعة وهذا أمر طبيعي وقانوني، حيث أن الإطار الفلسفي للقواعد القانونية الجنائية على المستوى المحلى والدولي يحض المواطن على الدفاع عن نفسه وعن ماله ومال غيره عند تعرضه للاعتداء، وفي الحالة المعروضة أمامنا نتحدث عن شكل من أشكال الدفاع عن النفس الجماعي للشعب الفلسطيني، الذي تضمنه كافة قرارات الشرعية الدولية حيث أنه لا يوجد أي نص يحرم استخدام القوة من اجل ممارسة حق الشعوب في تقرير مصيرها السياسي لا على المستوى المعاهدات الدولية والعرف الدولي والممارسات الدولية، وإن تذرع إسرائيل بحقها بالدفاع الشرعي عن النفس بمواجهة أعمال المقاومة الفلسطينية التي تعتبرها غير شرعية، من خلال إعطاء شرعية لعدوانها على الشعب الفلسطيني استنادا لنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تبيح فعل الدفاع عن النفس للدول بمواجهة عدوان واقع عليها “، الأمر الذي يتعارض مع الفقه والقضاء الدولي، حيث يستقر الفقه القانوني الدولي أن تقرير حق الدفاع الشرعي بموجب نص المادة “51” من الميثاق يخضع لضوابط ومعايير قانونية وموضوعية، ولا يؤسس على المعيار الذاتي للدول وحق الدفاع الشرعي لدولة ما يقوم على احترام الأسس التي يرتكز عليها هذا الحق، فإن أي تصرف صادر عنها غير معتمد على هذه الأسس يعد تجاوز لأحكام القانون الدولي العام، فدفع الخطر بالاعتداء على حق يحميه القانون الدولي الإنساني ولوائح لاهاي 1907 واتفاقيات جنيف الأربعة 1949، التي لا ترسخ حقا للسلطة المحتلة، فهي بالأساس سلطة غير شرعية والاحتلال هو بحد ذاته جريمة وفقا لأحكام وقواعد القانون الدولي، فإذا افتقر هذا الأساس فإن حق الدفاع يفتقد احد أهم أركانه ألا وهو ضابط المشروعية .
بمعنى أخر أنه لا يجوز الدفاع الشرعي ولا يستقيم ضد الفعل المشروع، وهو حق الشعب الفلسطيني بالمقاومة من اجل تقرير مصيره السياسي، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي استند إلى المعايير الشخصية بادعائه بحق الدفاع لتبرير عدوانه على الشعب الفلسطيني والأعمال الانتقامية المنقذة ضده، وأيضا لابد من التأكيد على حقيقة مهمة بان إسرائيل ليست أمام اعتداء عليها بل هي أمام شعب محتل يقاوم سلطة الاحتلال الإسرائيلي المحتلة لأرضه بالقوة .
هنا لا صلة للدفاع الشرعي عن النفس بموجب المادة 51 من الميثاق بالقانون الدولي الإنساني أو قانون وقت الحرب، انما بقانون استعمال القوة، وهنا تخلط سلطات الاحتلال الإسرائيلية بشكل غير مقبول بين هذين الفرعين من القانون الدولي، اللذان ينبغي الإبقاء على الفصل بينهما بصورة أساسية، فبمجرد نشوء النزاع المسلح يبدأ العمل بقانون وقت الحرب “القانون الدولي الإنساني ” باعتباره القانون المناط به تنظيم الحالة المترتبة على نشوء الحرب، بصرف النظر عن قواعد استعمال القوة فضلا عن ذلك كيف يمكن للمرء منطقيا أن يقول أن دولة تمارس حق الدفاع عن النفس ضد إقليم يقع تحت احتلالها العسكري، أي تحت سيطرتها الفعلية وتمتع بالسلطة فيه بل عليها الالتزام بضمان النظام العام والسلامة العامة فيه وفقا للمادة 43 من لوائح لاهاي([116]) .
وأكدت المحكمة بأن التهديد الذي تعتبره إسرائيل مبررا لتشييد الجدار وتقصد هنا (العمليات الاستشهادية داخل العمق الإسرائيلي تنبع من تلك الأرض وليس من خارجها، وهنا يفهم من قول المحكمة بأن إسرائيل بصفتها الدولة القائمة بالاحتلال تفقد الحق في الدفاع الشرعي في حالة نشوء هجمات مسلحة ضدها من الأراضي التي تحتلها حيث اعتبر احد قضاة المحكمة روزالين هبتغر بتعليقه الشخصي على هذا القول من محكمة العدل الدولية أن هذا القرار فيه عدم إنصاف لإسرائيل، بقوله “إذا ما أخذنا بعين الاعتبار من أن الهجمات التي تشن من ارض محتلة لم تضم قانونا لإسرائيل “، ولكن لم يأخذ بعين الاعتبار سعادة القاضي روزالين أن سلطات الاحتلال تضم الأراضي الفلسطينية بحكم الواقع حيث تعمل على ضم الأرض دون السكان .
بناء على هذا الحكم من أعلى هيئة قضائية دولية ألا وهي محكمة العدل الدولية، الذي اعتبر أن إسرائيل لا تملك الحق في الدفاع الشرعي بمواجهة الشعب الفلسطيني المحتل، بالتالي تقر بأن الاحتلال هو بحد ذاته عبارة عن عدوان مستمر على الشعب الفلسطيني، منذ احتلال إسرائيل للمناطق الفلسطينية عام 1967، حيث يمكن أن يتمسك أصحاب الهواجس التي تتخوف من مسالة الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية بهذا الحكم، الذي يعتبر أن أفعال المقاومة تندرج ضمن الأفعال المباحة التي مناطها حق الشعب الفلسطيني بالدفاع الجماعي عن النفس، وردة الفعل الإسرائيلية والأفعال الناتجة عنها غير شرعية، وتعتبر كجرائم يعاقب عليها القانون الدولي، بعيدا عن المواقف السياسية لمجموعة من الدول التي تؤيد أعمال إسرائيل وتتعاطف معها، لأن هذه المسألة سياسية مختلفة عن السياق القضائي عند عرض معطيات النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عليه، على اعتبار أنه لا يمكن أن تدين هيئة قضائية دولية نزيهة الضحية المقاومة للاحتلال وتجرم الأفعال الصادرة عنها في سياق ممارستها لأعمال المقاومة التي تعتبر كحق للدفاع الشرعي الجماعي عن النفس، الذي يمارسه الشعب الفلسطيني حتى لو أدى لقتل مدنيين إسرائيليين، لأن سلطات الاحتلال لا يمكن أن تتذرع بحقها بالدفاع الشرعي لتبرير عدوانها المستمر على الفلسطينيين، مع وجود إمكانية أن تلجأ إلى وسائل أخرى مشروعة من شانها الحفاظ على حياة مواطنيها الأبرياء، ووقف هجمات الصواريخ ضدهم فمع وجود هذه الوسائل فلا يكون فعل الدفاع مباح على اعتبار أن استخدام القوة في الدفاع على النفس يجب أن يكون الوسيلة الوحيدة لدرء ألهجمات، وهذه الوسائل تتمثل بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال التجاوب مع عملية المفاوضات والمبادرات الدولية والعربية الداعية لوضع حد للاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية وحصار غزة، الأمر الذي يضمن حماية إسرائيل لمواطنيها ويمكنها من العيش بسلام وأمان لجانب الدولة الفلسطينية المستقلة .
الخاتمة
نخلص في الأخير أن انضمام دولة فلسطين للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية خطوة إيجابية، ويعتبر هذا الانضمام حتى لو كان الثمن غاليا، في المقابل فإن المكاسب لفلسطين ستكون أكبر من الخسائر، يكفي أنها تعتبر أحد الآليات الردعية لحماية الشعب الفلسطيني من المزيد من الجرائم الإسرائيلية مواجهة جدية وستسهم في إنصاف الضحايا وعائلاتهم، لكي تتابع الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، التي يمكن تكييفها بأنها جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب وجريمة عدوان، ورغم ذلك لم تتوجه السلطة الفلسطينية للمحكمة الجنائية الدولية حتى اليوم.
وتبين لنا ضرورة إعداد ملف الدعوى لرفعها على لمحاسبة الإسرائيليين على جرائمهم بحق أبناء الشعب الفلسطيني، تحديداً تلك الجرائم المرتكبة بعد نفاذ نظام روما الأساسي، وجرائم الاستيطان والإبعاد القسري، ويجب أن يكون الملف متضمناً لوثائق وبينات مقنعة؛ لهذا يجب تدوين الانتهاكات، وإرفاق ما يثبت هوية المعتدى عليه، بالإضافة إلى التحقيقات أو الإفادات التي تؤيد الاعتداء الحاصل، وتحديد المرجعية القانونية الوطنية والدولية التي تنص على الحق الذي انتهكه المعتدي، وهنا يمكن الاستفادة من الوثائق التي تملكها المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، والجمعيات المحلية ذات الصلة بحقوق الإنسان، ويمكن طلب الإرشاد القانوني والميداني من منظمة العفو الدولية، كما يمكن الاستعانة بالمنظمات الدولية والإقليمية ذات الاختصاص.
وبالإضافة إلى حقوق الفلسطينيين المدنية، يساءل الإسرائيليين مسؤولية جنائية، بحيث يعاقب الأشخاص الذين أمروا أو خططوا أو نفذوا الأعمال غير المشروعة والتي تعتبر جرائم بمقتضى نظام المحكمة الجنائية الدولية، وبمقتضى قواعد القانون الدولي العام والإنساني خصوصا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وبروتوكولها المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع لعام 1977، قد نصت على حق الأطراف التي تضررت من اقتراف الغير لجرائم دولية بحقها في ملاحقة الآمرين بارتكاب هذه الجرائم ومرتكبيها، ومساءلتهم كمجرمي حرب أمام محاكمها الوطنية، وهذا سواء أكانوا عسكريين أو رجال دولة أم من السياسيين، حيث يحق لها اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الإسرائيليين على جرائمهم البشعة بحق الشعب الفلسطيني، تحديداً تلك الجرائم المرتكبة بعد نفاذ نظام روما الأساسي، وجرائم الاستيطان والإبعاد القسري، بغض النظر عن تاريخ بدء هذه الجرائم باعتبارها من الجرائم المستمرة.
وبعيدا عن مقولات التشاؤم والتفاؤل، لابد من إنتاج آلية وطنية تتضافر فيها وتنصهر كل الجهود نحو صياغة إستراتيجية وطنية شاملة تهدف إلى مقاومة الاحتلال وعزلة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والقانونية باعتباره نظام قائم على احتلال أراضي الغير على أساس التميز والفصل العنصري، وهذا يتطلب مجموعة من الإجراءات التي يجب اتخاذها بشكل متكامل على النحو الأتي :
– 2 يجب العمل على تشكيل مجموعة مناصرة للقضية الوطنية الفلسطينية على المستوى الدولي الرسمي مكونة من الدول التي ساندت القضية الفلسطينية أمام الأمم المتحدة عند إقرار العضوية المراقبة، أو أثناء العدوان الإسرائيلي على الأخير على قطاع عزة، الأمر الذي يفتح المجال معها للتشاور بشكل جدي حول طلب انعقاد دورة استثنائية طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت (عنوان الاتحاد من اجل السلم ) الصادر عن الجمعية العام بقرار رقم 377 (5) سنة 1950 للوقوف أمام حق النقض الفيتو الذي تستخدمه الولايات المتحدة بشكل متعسف للحيلولة دون إصدار قرار يجبر إسرائيل على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية ألمحتلة الأمر الذي يهدد الأمن والسلم على المستوى الدولي لذا وجب العمل على تعديل التشريعات الوطنية الفلسطينية (الجزائية) كي تشتمل على مسألة الولاية الجنائية الدولية، بحيث تتضمن نصوص تعاقب على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كي نتمكن من ملاحقة مجرمي الحرب في المحاكم الوطنية الفلسطينية.
– 3الدعوة لانعقاد مؤتمر الدول الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقيات جنيف الأربع نطالب به المجتمع الدولي بإلزام إسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي الإنساني، واعتبار الأسرى الفلسطينيين أسرى حرب والضغط على إسرائيل للإفراج عن الأسرى الذين اعتقلوا قبل اتفاقية أوسلو واعتبار الاستمرار بأسرهم كجريمة حرب كذلك إجبارها على ضبط تصرفاتها غير قانونية بحق الشعب الفلسطيني باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال للمناطق الفلسطينية التي يجب أن تفي بالتزاماتها بهذا الإطار تجاه الشعب المحتل، وإدانة التصريحات الإسرائيلية التي تعتبر أن الحرب على غزة تندرج بإطار حقها بالدفاع عن النفس واعتبار ان هذه التصريحات تعتبر بحد ذاتها شكل من أشكال العدوان الهادف إلى تكريس وجود الاحتلال بشكل دائم على الأرض الفلسطينية المحتلة، وأيضا إيجاد الآليات المناسبة لضمان اعتراف إسرائيل بوجودها في المناطق الفلسطينية كسلطة محتلة لهذه الأراضي .
– 4 يجب أن يقترن بمعرفة أن طريق المساءلة والمحاسبة على الجرائم الدولية التي ارتُكبت بحق الفلسطينيين، شاق وطويل، الأمر الذي يعني أنه يجب عدم توقّع نتائج سريعة من المحكمة، وذلك لأسباب عديدة ومتشعبة تتعلق بالأداء الواقعي للمحكمة التي تُعتبر بشكل عام مؤسسة غير فاعلة، وبالسمعة السيئة التي ارتبطت بها، ولاسيما في ظل أداء المدعي العام السابق وموقفه من الحالة الفلسطينية، وفي ظل المشكلات اللوجستية ونقص التمويل اللذين تعاني جرّاءهما وجرّاء تأثيرهما في أدائها، وصولاً إلى طول الإجراءات الذي يتسم به عملها، وغير ذلك من المشكلات، من هذا المنطلق يجب طلب الاستفادة من الوثائق التي تملكها المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، والجمعيات المحلية ذات الصلة بحقوق الإنسان من أجل إعداد ملف الدعوى ضد الإسرائيليين.
5- لضمان فاعلية التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية، فإنه يجب قراءة هذه الخطوة المهمة في سياق استراتيجيا وطنية شاملة واضحة المعالم والأهداف، ومستندة بشكل رئيسي إلى الحقوق، من دون تسييس للعدالة المستحقة لضحايا الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي، أو مساومة عليها، لأن تحقيق العدالة يجب أن يكون غاية في حد ذاته.
قائمة المــــــراجـــع
أولا: المراجع باللغة العربية
الكـــــــتب والمؤلفات
أحمد أبو الروس، الإرهاب والتطرف والعنف الدولي، (د.ط)، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2000.
أمحمدي بوزينة أمنة، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى، الإسكندرية،
أبو أحمد فؤاد، عبد الإله المهمة، سعيد عبد السلام، القضية الفلسطينية وملامح المرحلة الراهنة، (د.ط)، منشورات الأفق الديمقراطي، الرباط، 2005.
أسامة حسين محي الدين، جرائم الإرهاب على المستوى الدولي والمحلي (دراسة تحليلية)، (د.ط)، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية،
جهاد عودة، فلسطين وإرهاب الدولة الإسرائيلية، (د.ط)، دار مصر المحروسة، (د.ب.ن)، 2002.
حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الجنائي الدولي من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دار الكتب القانونية- دار شتات للنشر والبرمجيات، الأردن،
حسن، عصام الدين محمد، يوميات انتفاضة الأقصى، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان،
رنا أبو ظهر الرفاعي ومحمد قبيسي، الإرهاب الصهيوني والسلام العربي، الطبعة الأولى، مؤسسة الرحاب، لبنان،
سليم محمد غزوي، جريمة إبادة الجنس البشري، الطبعة الثانية، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر، الإسكندرية،
طارق فوزي، عصر المقاومة، الطبعة الأولى، دار الأحمدي للنشر، القاهرة،
ضاري خليل محمود وباسيل يوسف، المحكمة الجنائية الدولية هيمنة القانون أم قانون الهيمنة، منشأة المعارف، بدون ط،
عبد الفتاح بيومي حجازي، قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، الطبعة الأولى،
عبد الناصر حريز، النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي (دراسة مقارنة مع النازية والفاشستية والنظام العنصريّ في جنوب إفريقيا)، الطبعة الأولى، مكتبة مدبولي، (د.ب.ن)،
عبد الرحمن أبو النصر، اتفاقية جنيف الرابعة وانطباقها في الأراضي المحتلة، غزة، ط1،
عمر محمود المخزومي، القانون الدولي الإنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى، دار الثقافة،
عبد الغني عماد، صناعة الإرهاب،- في البحث عن موطن العنف الحقيقي-، الطبعة الأولى، دار النفائس، الأردن،
غازي حسين، الاحتلال الإسرائيلي وشرعية المقاومة والعمليات الاستشهادية، ، (د.ط)، اتحاد الكتاب العرب، دمشق،
ليندة معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها، الطبعة الأولى، دار الثقافة،
محمود شريف بسيوني، الجرائم ضد الإنسانية، من كتاب جرائم الحرب تأليف لورنس فيشلر وآخرون، ترجمة غازي مسعود، تقديم حنان العشراوي، دار أزمنة للنشر، الطبعة الثانية، الأردن،
محمد أحمد داود، الحماية الأمنية للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني، دار الكتب والوثائق القومية، مصر،
محمد وليد أحمد جرادي، الإرهابفيالشريعةوالقانون، (د.ط)، دار النفائس للنشر والتوزيع، بيروت، 2008.
مجدي كامل، هولوكوست غزة-هيروشيما القرن الواحد والعشرين، الطبعة الأولى، دار الكتاب العربي، القاهرة- دمشق،
مصطفى يوسف اللداوي، الإرهاب الصهيوني في ظل القانون الدولي، الطبعة الأولى، دار قرطبة، الجزائر، 2005.
موسى القدسي الدويك، الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والقانون الدولي، (د.ط)، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر،
كمال حماد، الإرهاب والمقاومة في ضوء القانون الدولي العام، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان،
فرغلي هارون، لعبة خلط الأوراق (مقاومة الإرهاب أم إرهاب المقاومة؟)، مراجعة وتقديم علي المكاوي، (د.ط)، دار الوافي للنشر للطباعة والنشر، سلسلة الوافي الثقافية، العدد الثالث، القاهرة، 2006.
هبة الله أحمد خميس، الإرهاب والصّراع والعنف في الدول الغربية، (د.ط)، مكتبة الوفاء القانونية، مصر،
وائل أحمد علام، مركز الفرد في النظام القانوني للمسؤولية الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة،2001 .
هيثم الكيلاني، الإرهاب يؤسس دولة (نموذج إسرائيل)، الطبعة الأولى، دار الشروق، القاهرة،
25. موسى جميل قدسي الدويك، الإرهاب والقانون الدولي، « دراسة للجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى»، (د.ط)، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر، 2003.
المجلات والمقالات والدراسات
أشرف محمد كشك وأحمد ثابت الذيب، «الإرهاب الدولي في القرن الحادي والعشرين الأساليب… وآليات المواجهة»، مجلة دراسات إستراتيجية، المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية، العدد (6)، العام الثانية، الكويت، ديسمبر
أبو أحمد فؤاد، « التطورات السياسية على الساحة الفلسطينية»، أبناء الوطن، العدد (44)، نشرة دورية تصدر عن الحركة الثقافية الاجتماعية، نوفمبر
بارعة القدسي، المحكمة الجنائية الدولية طبيعتها واختصاصها وموقف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل منها، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 20، العدد الثاني،
حسام علي شيخة، جرائم الحرب في فلسطين والبوسنة والهرسك، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القاهرة،
درازان دوكيتش، “العدالة في المرحلة الانتقالية والمحكمة الجنائية الدولية- في مصلحة العدالة؟”، مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر، المجلد 89، العدد 867، سبتمبر
ديفيد ديوك، « كيف تسببت الإرهاب الإسرائيلي والخيانة الأمريكية في هجوم 11 أيلول»، ترجمة عياد عيد، مجلة الفكر السياسي، العدد (15)، خريف شتاء 2001-2002.
رشاد توام، دبلوماسية التظلم والتشهير، القضاء الدولي في المقاومة السلمية:نحو نموذج فلسطيني، سياسات، العدد 20،
عماد جاد، « الإرهاب الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، مجلة الوحدة، العدد )67(، لعام
عصام مفلح، « مفهوم الإرهاب والموقف الدولي إرهاب الدولة وإرهاب المنظمات»، مجلة الفكر السياسي، العدد السابع عشر، العام الخامسة، خريف- شتاء
غازي حسين، الجيـش الإسرائيلي والهـولـوكـوسـت على الشعب الفلسطيني، مجلة الفكر السياسي، اتحاد كتاب سوريا، العدد (16)، دمشق، 2002.
مجزرة حي الشجاعية في غزة تتواصل وسقوط أكثر من 60 قتيلاً، صحيفة الحياة، نشر في 20 يوليو
محمد أبو الرب، « محاكمة إسرائيل على حصار قطاع غزة»، مجلة المستقبل العربي، العام الحادية والثلاثون، العدد (359)، مركز دراسات الوحدة العربية، يناير
مراسل الإذاعة: ارتفاع حصيلة اليوم ال ـ24 من العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 1363 شهيدا،الإذاعة الجزائرية،31 يوليو
مخلد الطراونة، “الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومدى إمكانية تقديم المسؤولين عنها للمحاكمة”، مجلة الحقوق، جامعة الكويت،
الرسائل والدراسات الجامعية
جمال زايد هلال أبو العين، الإرهاب وأحكام القانون الدولي، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2004.
أمينة حمدان،حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين،
فارس رجب مصطفى الكيلاني، أثر الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مسؤولية إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني” دراسة تحليلية”، ماجستير القانون العام، كلية الحقوق جامعة الأزهر، غزة،
فدوى الذويب الوعري، المحكمة الجنائية الدولية، قدم هذا البحث استكمالاً لمتطلبات نيل درجة الماجستير في القانون كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت،
المؤتمرات والمداخلات العلمية
نسيب لحود، الأبعاد الإقليمية للعدوان على غزة، محاضرة ألقيت في الندوة الّتي نظمها “برنامج الندوات حول السياسات العامة” في حركة التجدد الديمقراطي بتاريخ 24 جانفي 2009.
المواثيق والوثائق الدولية
اتفاقية لاهاي الثانية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية واللائحة الملحقة بها المؤرخة في 29 سبتمبر لعام
اتفاقية لاهاي الرابعة الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية واللائحة الملحقة بها المؤرخة في 18 أكتوبر1907.
اتفاقية جنيف الثالثة بشأن معاملة أسرى الحرب المؤرخة في 12 أوت
اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 أوت
البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الدولية الصادر بتاريخ 8 يونيه1977.
البروتوكول الإضافي الثاني لاتفاقيات جنيف المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة الغير دّولية الصادر بتاريخ 8 يونيه1977.
اتفاقية أوسلو الموقعة في 13سبتمبر 1993.
النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في 17/07/1998.
التقارير والنشرات
التقرير السنوي السادس، الهيئة الفلسطينية المستقلّة لحقوق المواطن، حالة حقوق المواطن الفلسطيني، 31 ديسمبر
تقرير منظمة العفو الدولية إسرائيل والأراضي المحتلة، (الاستخدام المفرط للقوّة المميتة)، أكتوبر 2000، رقم الوثيقة (00/ 41/15 MDE).
داوود درعاوي، سلسلة التقارير القانونية (24)، تقرير حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية: مسؤولية إسرائيل الدولية عن الجرائم خلال انتفاضة الأقصى، الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، رام الله،
تقرير صادر عن مؤسسة مفتاح، بعنوان الخسائر الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى، بتاريخ 24/5/2001.
التقرير السنوي الصادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) 31 ديسمبر للعام 2002، الطبعة الأولى، حقوق الطبع محفوظة للمركز غزة، نشر في أبريل 2003.
تقرير الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان حول الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني خلال عام 2006 وأثرها على أداء السلطة الفلسطينية، رام الله،
فالنتينا أزاروف، ترسيخ الشرعية القانونية: “الأدوار التي تضطلع بها المحاكم الدولية في إنجاز استقلال دولة فلسطين”،معهد الحقوق، جامعة بيرزيت”البحث عن الدولة الفلسطينية الانعكاسات القانونية والسياسية والاقتصادية، رام الله، فلسطين
تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، نشر على الصفحة الأولى لجريدة القدس المقدسية بتاريخ 20/12/2012.
ياسر غازي علاونة، الاستحقاقات القانونية المترتبة على حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، سلسلة تقارير قانونية (79)، تاريخ الزيارة 22/11/2013.
تقرير بعنوان: «غزة تقاوم تحت النار لليوم الـ25/1395 شهيداً و8100 جريح»، المركز الفلسطيني للإعلام، نشر في 31 يوليو
تقرير:» الغارات الإسرائيلية على المنازل يبدو أنّها عقاب جماعي«، منظمة هيومن رايتس ووتش، العدد (4324)، نيويورك، 10 جويلية
تقرير بعنوان: «غزة تقاوم تحت النار لليوم الـ25/1395 شهيداً و8100 جريح»، المركز الفلسطيني للإعلام، نشر في 31 يوليو
ملف معلومات رقم (22): العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عملية “العصف المأكول” – عملية “الجرف الصامد” 7/7/2014 – 26/8/2014 إعداد قسم الأرشيف والمعلومات بمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت –لبنان، 2015.
المقالات والمواقع الالكترونية
إبراهيم بدوي، عضوية فلسطين في محكمة الجنايات الدولية .. لماذا ترعب دولة الاحتلال؟!!، “الوطن”، 17 يناير 2015، منشور على الموقع التالي: http://alwatan.com/details/46053
بشارات، هالة خوري، القانون الدولي كأداة نضالية في يد الفلسطينيين في إسرائيل، مجلة جدل الإلكترونية، عدد 3، 10/5/2012، منشورة على موقع مدى الكرمل، منشور على الموقع التالي: mada-research.org
غازي حسين، « التفريق بين المقاومة والإرهاب في القانون الدولي»، شبكة البصرة، بتاريخ 28 نيسان 2012م، (د.ت)، الموقع التالي:
http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0412/qazi_280412.htm
عبد الله موسى أبو عيد، العدوان المستمر على قطاع غزة: الجرائم وآليات المساءلة القانونية: دراسة في القانون الجنائي الدولي، بتاريخ 2 ديسمبر 2014، للاطلاع على الدراسة موقع مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات:
http://www.alzaytouna.net/permalink/83340.html
محمد يونس، فرص وتحديات أمام الفلسطينيين بعد الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، رام الله، آخر تحديث: الجمعة، ٩ يناير/ كانون الثاني 2015، (12:00) بتوقيت غرينتش، منشور على الموقع التالي:
http://www.alhayat.com/Articles/6715296/%
التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لعام 2009، تحرير محسن محمد صالح، الطبعة الأولى، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت- لبنان، 2010، منشور على الموقع التالي: www.badil.org
معتز قفيشه، فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية، منشور على الموقع الالكتروني التالي:
http://www.qanon.ps/news.php?action=view&id=17781
المساءلة الجنائية للإسرائيليين، جريدة حق العودة، العدد 42 ، تاريخ الزيارة 22/11/2013، على الموقع الالكتروني التالي: http://www.badil.org/en/haq-alawda/item/1559-art-12
جيسيكا مونتال، لمحكمة الجنائية الدولية – أهي تهديد أم فرصة لإسرائيل وفلسطين؟ ، تاريخ النشر: 4 ديسمبر 2014، منشور على الموقع التالي: https://www.opendemocracy.net/openglobalrights/jessica-
جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، تاريخ الزيارة 20/11/2013. على الموقع الالكتروني التالي:
http//www.palesteners.org
ثانيا: المراجع باللغات الأجنبية
Bernard Ravenel, Pour une critique politique du terrorisme, confluences Méditerranée, N° 43, Automne 2002.
Christian Chocquet, Le Terrorisme n’est pas la Guerre, préface Eric Del becque et Jean Louis Esquiviez, librairie Vuibert, paris, Jun 2008.
Cherif Bassiouni ,international Criminal Court :compilation of United Nation documents and draft statute before the diplomatic conference, No peace Without justice –Argentina ,1998.
Shmuel Bar, Israeli Experience in Deterring Terrorist Organizations, institute for policy and strategy, January 2007.
Yehuda Blum, Permanent Representative of Israel, at UN Security Council, 5 June 1982. Security Council Official Records, 2374th meeting, The Security Council unanimously demanded an end to all military activities and a withdrawal of Israeli forces from Lebanon in Resolutions 508 and 509 of 5 and 6 June 1982.
([1]) فدوى الذويب الوعري، المحكمة الجنائية الدولية، رسالة ماجستير في القانون، كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت، 2014، ص 22.
([2]) فدوى الذويب الوعري، المرجع السابق، ص 25.
([3]) ياسر غازي علاونة، الاستحقاقات القانونية المترتبة على حصول فلسطين على دولة مراقب في الأمم المتحدة، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، سلسلة تقارير قانونية (79)، 2013، ص12 .
([4]) نفس المرجع، ص 16.
([5])فارس رجب مصطفى الكيلاني، أثر الاعتراف بالدولة الفلسطينية على مسؤولية إسرائيل عن جرائمها بحق الشعب الفلسطيني” دراسة تحليلية”، ماجستير القانون العام، كلية الحقوق جامعة الأزهر، غزة، 2013، ص 45.
([6]) حتى الآن توجد 122 دولة طرف في ميثاق روما، منها 34 دولة إفريقية، 18 دولة من آسيا، 27 دولة من أمريكا اللاتينية، و43 دولة غربية. بالنسبة للعالم العربي توجد ثلاث دول أطراف في المحكمة هي الأردن وتونس وجيبوتي. إسرائيل ليست طرفا.
([7]) وقام وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، وباسم الرئيس عباس، بتسليم الوثائق التي وقع عليها الرئيس بالانضمام إلى 15 اتفاقية دولية رسمياً إلى الجهات الدولية المختصة، وهي ممثل الأمين العام للأمم المتحدة روبرت سيري الذي تسلم الجزء الأكبر من الطلبات الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، وممثل الاتحاد السويسري بول غارنيير الذي تسلم طلبات الانضمام إلى اتفاقيات جنيف التي تعتبر سويسرا الدولة الضامنة لها، وكذلك نائب ممثل المملكة الهولندية الذي تسلم طلب الانضمام إلى اتفاقية لاهاي المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية ومرفقها: اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية، علماً أن هناك شروطاً شكلية خاصة بكل اتفاقية لاعتبار الانضمام إليها صحيحاً، لكنها غير معقدة بعد زوال العائق الرئيسي أمامها بالاعتراف بدولة فلسطين، وبالتالي فالجهة المودعة للاتفاقية يناط بها الآن دارسة الطلب الفلسطيني بالانضمام إليها.
أنظر: معتز قفيشه، فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية، منشور على الموقع الالكتروني التالي:
http://www.qanon.ps/news.php?action=view&id=17781
([8])فارس رجب مصطفى الكيلاني، المرجع السابق، ص 61-62.
([9])إبراهيم بدوي، عضوية فلسطين في محكمة الجنايات الدولية .. لماذا ترعب دولة الاحتلال؟!!، “الوطن”، 17 يناير 2015، منشور على الموقع التالي: http://alwatan.com/details/46053
([10]) محمد يونس، فرص وتحديات أمام الفلسطينيين بعد الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، رام الله، آخر تحديث: الجمعة، ٩ يناير/ كانون الثاني 2015، (12:00) بتوقيت غرينتش، منشور على الموقع التالي:
http://www.alhayat.com/Articles/6715296/%
([11]) عماد جاد، « الإرهاب الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، مجلة الوحدة، العدد (67)، 1990، ص 123.
([12]) غازي حسين، « الجيـش الإسـرائيلي والهـولـوكـوسـت على الشعب الفلسطيني»، مجلة الفكر السياسي، اتحاد كتاب سوريا، دمشق، العدد (16)، 2002، ص 247.
([13]) أحمد أبو الروس، الإرهاب والتطرف والعنف الدولي، (د.ط)، المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية، 2000، ص 60.
([14])Cherif Bassiouni ,international Criminal Court :compilation of United Nation documents and draft statute before the diplomatic conference, No peace Without justice –Argentina ,1998, p 352.
([15]) حددت المادة (5) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أربعة طوائف من الجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها، وقصرتها على أشد الجرائم خطورة على أمن وسلم المجتمع الدولي. وهذه الجرائم هي جريمة الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، جرائم الحرب، جريمة العدوان، فاعتماد هذه الجرائم ضمن اختصاص المحكمة يرجع بالأساس إلى أن للمجتمع الدولي مصلحة مشتركة في مكافحتها، لكونها تمس بالإنسانية ككل وتهدد أمنها.
([16])جاء في المادة السادسة من نظام روما الأساسي الإبادة الجماعية ما يلي: “لغرض هذا النظام الأساسي تعني ” الإبادة الجماعية ” أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً:’ قتل أفراد الجماعة، إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة، إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً، فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة، نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى”. أنظر: درازان دوكيتش، “العدالة في المرحلة الانتقالية والمحكمة الجنائية الدولية- في مصلحة العدالة؟”، مختارات من المجلة الدولية للصليب الأحمر، المجلد 89، العدد 867، سبتمبر 2007، ص 151.
([17]) حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الجنائي الدولي من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، دار الكتب القانونية- دار شتات للنشر والبرمجيات، الأردن، 2008، ص 144-145.
([18]) عبد الفتاح بيومي حجازي، قواعد أساسية في نظام محكمة الجزاء الدولية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، مصر، الطبعة الأولى، 2006، ص 31 .
([19]) Bernard Ravenel, Pour une critique politique du terrorisme, confluences Méditerranée, N° 43, Automne 2002, p 93.
([20]) غازي حسين، الاحتلال الإسرائيلي وشرعية المقاومة والعمليات الاستشهادية، ، (د.ط)، اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2007، ص 8.
([21]) عماد جاد، « الإرهاب الصهيوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، مجلة الوحدة، العدد )67(، لعام 1990، ص 123.
([22]) مجزرة حي الشجاعية في غزة تتواصل وسقوط أكثر من 60 قتيلاً، صحيفة الحياة، نشر في 20 يوليو 2014.
([23]) شهداء جدد جراء قصف بالطائرات استهدف شقة في حي الرمال، شبكة فلسطين للأنباء، نشر في 20 يوليو 2014.
([24])- محمود شريف بسيوني، الجرائم ضد الإنسانية، من كتاب جرائم الحرب تأليف لورنس فيشلر وآخرون، ترجمة غازي مسعود، تقديم حنان العشراوي، دار أزمنة للنشر، الطبعة الثانية، الأردن، 2007، ص 30.
([25]) جاء في المادة السابعة من نظام روما الأساسي الجرائم ضد الإنسانية، ما يلي:” -1لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية ” جريمة ضد الإنسانية ” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم: القتل العمد، الإبادة، الاسترقاق، إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، التعذيب، الاغتصاب أو الاستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة، اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرفية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعرف في الفقرة 3، أو لأسباب أخرى من المسلم عالمياً بأن القانون الدولي لا يجيزها، وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة أو أية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، الاختفاء القسري للأشخاص، جريمة الفصل العنصري، الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
أنظر: أمحمدي بوزينة أمنة، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني، دار الجامعة الجديدة، الطبعة الأولى، الإسكندرية، 2014، ص 182.
([26]) عبد الناصر حريز، النظام السياسي الإرهابي الإسرائيلي (دراسة مقارنة مع النازية والفاشستية والنظام العنصريّ في جنوب إفريقيا)، الطبعة الأولى، مكتبة مدبولي، (د.ب.ن)، 1997، ص 163.
([27]) محمد أبو الرب، « محاكمة إسرائيل على حصار قطاع غزة»، مجلة المستقبل العربي، العام الحادية والثلاثون، العدد (359)، مركز دراسات الوحدة العربية، يناير 2009، ص 58.
([28]) طارق فوزي، عصر المقاومة، الطبعة الأولى، دار الأحمدي للنشر، القاهرة، 2007، ص 49.
([29]) عبد الرحمن أبو النصر، اتفاقية جنيف الرابعة وانطباقها في الأراضي المحتلة، غزة، ط1، 2000، ص 409.
([30])حسن، عصام الدين محمد، يوميات انتفاضة الأقصى، مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2000، ص257.
([31])داوود درعاوي، سلسلة التقارير القانونية (24)، تقرير حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية: مسؤولية إسرائيل الدولية عن الجرائم خلال انتفاضة الأقصى، الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، رام الله،2001.
([32]) عصام مفلح، « مفهوم الإرهاب والموقف الدولي إرهاب الدولة وإرهاب المنظمات»، مجلة الفكر السياسي، العدد السابع عشر، العام الخامسة، خريف- شتاء 2002، ص 155.
([33]) أنظر تقرير:» الغارات الإسرائيلية على المنازل يبدو أنّها عقاب جماعي«، منظمة هيومن رايتس ووتش، العدد (4324)، نيويورك، 10 جويلية 2014.
([34]) منظمة بتسيلم (בְּצֶלֶם) هي منظمة غير حكومية إسرائيلية، تصف نفسها بأنها “المركز الإسرائيلي للمعلومات عن حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة”، أقيمت في 3 فبراير 1989 على يد أشخاص إسرائيليين ذوي تأثير، بما فيهم محامون، أكاديميون، صحافيون، وأعضاء كنيست، أعلنت المنظمة أن أهدافها هي توثيق وتثقيف الجمهور الإسرائيلي حول الاعتداءات على حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وتقوم المنظمة بانتقاد خروقات حقوق الإنسان التي تتم في الأراضي المحتلة، ولكن دراساتها تتطرق إلى الاعتداء على الطرف الفلسطيني فقط.
([35]) مراسل الإذاعة: ارتفاع حصيلة اليوم ال ـ24 من العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 1363 شهيدا، الإذاعة الجزائرية،31 يوليو 2014.
([36])ملف معلومات رقم (22): العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عملية “العصف المأكول” – عملية “الجرف الصامد” 7/7/2014 – 26/8/2014 إعداد قسم الأرشيف والمعلومات بمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت –لبنان، 2015، ص 96.
([37]) أشرف محمد كشك وأحمد ثابت الذيب، «الإرهاب الدولي في القرن الحادي والعشرين الأساليب… وآليات المواجهة»، مجلة دراسات إستراتيجية، المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية، العدد (6)، العام الثانية، الكويت، ديسمبر 2001، ص 36.
([38]) كما حصل مع الشهيد عماد خليل الرفاعي، البالغ من العمر عشرين عاما في قطاع غزة، حيث حطمت الطلقات وجهه ورأسه من الخلف فظلّت جثته مجهولة في مستشفى الشفاء بمدينة غزة لعدة ساعات متأخرة من ليل 4/10/2000م، التقرير السنوي السادس حول حقوق المواطن الفلسطيني، ص 70.
([39]) داود درعاوي، المرجع السابق، ص 68.
([40]) غازي حسين، « التفريق بين المقاومة والإرهاب في القانون الدولي»، شبكة البصرة، بتاريخ 28 نيسان 2012م، (د.ت)، الموقع التالي:
http://www.albasrah.net/ar_articles_2012/0412/qazi_280412.htm
([41]) طارق فوزي، عصر المقاومة، المرجع السابق، ص 49.
([42]) جمال زايد هلال أبو العين، الإرهاب وأحكام القانون الدولي، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون، معهد البحوث والدراسات العربية، جامعة الدول العربية، القاهرة، 2004، ص 93- 94.
([43]) Yehuda Blum, Permanent Representative of Israel, at UN Security Council, 5 June 1982. Security Council Official Records, 2374th meeting, The Security Council unanimously demanded an end to all military activities and a withdrawal of Israeli forces from Lebanon in Resolutions 508 and 509 of 5 and 6 June 1982, p 7.
([44]) ديفيد ديوك، « كيف تسببت الإرهاب الإسرائيلي والخيانة الأمريكية في هجوم 11 أيلول»، ترجمة عياد عيد، مجلة الفكر السياسي، العدد (15)، خريف شتاء 2001-2002، ص 75. وأيضا: محمد وليد أحمد جرادي، الإرهاب في الشريعة والقانون، (د.ط)، دار النفائس للنشر والتوزيع، بيروت، 2008، ص 185.
([45]) أسامة حسين محي الدين، جرائم الإرهاب على المستوى الدولي والمحلي (دراسة تحليلية)، (د.ط)، المكتب العربي الحديث، الإسكندرية، 2009، ص 412.
([46]) كمال حماد، الإرهاب والمقاومة في ضوء القانون الدولي العام، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان، 2003، ص 84.
([47]) جمال زايد هلال أبو العين، الإرهاب وأحكام القانون الدولي، رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون، المرجع السابق، ص 96.
([48]) كمال حماد، الإرهاب والمقاومة في ضوء القانون الدولي العام، المرجع السابق، ص 84.
([49]) سليم محمد غزوي، جريمة إبادة الجنس البشري، الطبعة الثانية، مؤسسة شباب الجامعة للطباعة والنشر، الإسكندرية، 1982، ص 18-19.
([50]) فرغلي هارون، لعبة خلط الأوراق (مقاومة الإرهاب أم إرهاب المقاومة؟)، مراجعة وتقديم علي المكاوي، (د.ط)، دار الوافي للنشر للطباعة والنشر، سلسلة الوافي الثقافية، العدد الثالث، القاهرة، 2006، ص 7.
([51]) هبة الله أحمد خميس، الإرهاب والصّراع والعنف في الدول الغربية، (د.ط)، مكتبة الوفاء القانونية، مصر، 2011، ص 185.
([52]) مخلد الطراونة، “الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومدى إمكانية تقديم المسؤولين عنها للمحاكمة”، مجلة الحقوق، جامعة الكويت، 2003، ص 304.
([53]) أشرف محمد كشك وأحمد ثابت الديب، المرجع السابق، ص37.
([54]) موسى القدسي الدويك، الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والقانون الدولي، (د.ط)، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر، 2004، ص 24.
([55]) عصام مفلح، المرجع السابق، ص 155.
([56]) عبد الغني عماد، صناعة الإرهاب،- في البحث عن موطن العنف الحقيقي-، الطبعة الأولى، دار النفائس، الأردن، 2003، ص 60.
([57]) أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان سبعة تقارير تغطي حالات القتل خارج القانون منذ بداية انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000 وحتّى 30 أبريل 2004، وتظهر هذه التقارير أنه في العام الأولى قد تم تنفيذ (41) عملية اغتيال في الفترة من 29 سبتمبر 2000 إلى 28 سبتمبر 2001 راح ضحيتها (52) من الفلسطينيين، وفي العام التالي خلال الفترة من 28 سبتمبر 2001 حتّى 28 سبتمبر 2002 تم تنفيذ (50) عملية اغتيال راح ضحيتها (70) من المستهدفون بالاغتيال و(43) من المدنيين؛ أمّا العام الثالث وخلال الفترة من 28 سبتمبر 2002 وحتّى سبتمبر 2003 تم تنفيذ (66) عملية اغتيال راح ضحيتها (83) من المستهدفون بالاغتيال و(42) من المدنيين، وفي النصف الأول من العام الرابع للانتفاضة من 28 سبتمبر 2003 حتّى 30 أبريل 2004 تم تنفيذ (24) عملية اغتيال راح ضحيتها (42) من المستهدفون بالاغتيال و(29) من المدنيين، ويكون بذلك إجمالي عدد ضحايا سياسة الاغتيالات الإسرائيلية منذ بداية الانتفاضة وحتّى عامها الرابع (376) شخصا. أنظر: محمد أحمد داود، المرجع السابق، ص 335.
([58]) إحسان أديب مرتضى، المرجع السابق، ص 176.
([59]) ملف معلومات رقم (22): العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عملية “العصف المأكول” – عملية “الجرف الصامد” 7/7/2014 – 26/8/2014، المرجع السابق، ص 76.
([60]) تقرير بعنوان: «غزة تقاوم تحت النار لليوم الـ25/1395 شهيداً و8100 جريح»، المركز الفلسطيني للإعلام، نشر في 31 يوليو 2014.
([61]) Christian Chocquet, Le Terrorisme n’est pas la Guerre, préface Eric Del becque et Jean Louis Esquiviez, librairie Vuibert, paris, Jun 2008, p 21.
([62]) راجع نص المادة (32) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
([63]) مصطفى يوسف اللداوي، الإرهاب الصهيوني في ظل القانون الدولي، الطبعة الأولى، دار قرطبة، الجزائر، 2005، ص 412- 413.
([64])-جرائم الحرب هي تلك الجرائم المخالفة للقواعد المنظمة لسير العمليات العسكرية، والتي ترتكب ضد السكان المدنيين أو العسكريين في وقت النزاعات المسلحة، وحددت جرائم الحرب المــادة الثامنة من نظام روما الأساسي ما يلي:
” -1يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب, ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم.
-2 لغرض هذا النظام الأساسي تعني جرائم الحرب”:أ- ) الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب – أغسطس 1949، أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص، أو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة :
“القتل العمد، التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك إجراء تجارب بيولوجية. تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة، إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة، إرغام أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية، تعمد حرمان أي أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية من حقه في أن يحاكم محاكمة عادلة ونظامية، الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع، أخذ رهائن.
ب- الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي……”.
([65])- محمد بوسلطان، مبادئ القانون الدولي العام، الجزء الثاني، ، دار الغرب للنشر والتوزيع، طبعة 2008، ص 184 .
([66])داوود درعاوي، تقرير حول جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (مسؤولية إسرائيل الدولية عن الجرائم خلال انتفاضة الأقصى)، الهيئة المستقلّة لحقوق المواطن، سلسلة التقارير القانونية رقم (24)، رام الله فلسطين، آوت 2001.
([67])بارعة القدسي، المحكمة الجنائية الدولية طبيعتها واختصاصها وموقف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل منها، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 20، العدد الثاني، 2004، ص172.
([68])حسام علي شيخة،، جرائم الحرب في فلسطين والبوسنة والهرسك، مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القاهرة، 2002، ص149.
([69]) الهلال الأحمر الفلسطيني، تاريخ الزيارة 20/11/2013. على الموقع الالكتروني التالي:
http//www.palesteners.org
([70])تقرير صادر عن مؤسسة مفتاح، بعنوان الخسائر الفلسطينية خلال انتفاضة الأقصى، بتاريخ 24/5/2001.
([71]) محمد أحمد داود، الحماية الأمنية للمدنيين تحت الاحتلال في القانون الدولي الإنساني، (د.ط)، دار الكتب والوثائق القومية، مصر، 2008، ص 317.
([72]) رنا أبو ظهر الرفاعي ومحمد قبيسي، الإرهاب الصهيوني والسلام العربي، الطبعة الأولى، مؤسسة الرحاب، لبنان، 2003، ص 71.
([73]) غازي حسين، الجيش الإسرائيلي والهولوكست على الشعب الفلسطيني، المرجع السابق، ص 260.
([74]) بلغ عدد القتلى خلال الأعوام الثلاثة للانتفاضة (2229) فلسطينيا؛ أي خلال المدّة من 28/9/2000 ولغاية 28/9/2003، منهم (1282) فلسطينيا من الضفة الغربية و(947) من قطاع غزة، وقد استشهد خلال المظاهرات والمواجهات مع الجيش الإسرائيلي (355) فلسطيني، بينّما سقط (1240) شهيداً خلال عمليات القصف والاجتياح، واستهدفت الأجهزة الأمنية (309) فلسطيني، حيث قتلتهم بواسطة الطائرات والصواريخ الّتي تسبّبت وقد بلغ عدد المدميين بسبب حوادث الاغتيال وغيرها (328) شهيداً من بينهم (35) طفلا، خلال عمليات استهداف النشطاء الفلسطينيين.
([75]) موسى جميل قدسي الدويك، الإرهاب والقانون الدولي، « دراسة للجرائم الإسرائيلية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الأقصى»، (د.ط)، منشأة المعارف بالإسكندرية، مصر، 2003 ، ص 24.
([76]) داود درعاوي، المرجع السابق، ص59.
([77]) التقرير السنوي السادس، الهيئة الفلسطينية المستقلّة لحقوق المواطن، حالة حقوق المواطن الفلسطيني، 31 ديسمبر 2000، ص 8، 10.
([78]) تقرير منظمة العفو الدولية إسرائيل والأراضي المحتلة، (الاستخدام المفرط للقوّة المميتة)، أكتوبر 2000، رقم الوثيقة (00/ 41/15 MDE).
([79]) مصطفى يوسف اللداوي، المرجع السابق، ص 421- 422.
([80]) إحسان أديب مرتضى، المرجع السابق، ص 175.
([81]) جهاد عودة، فلسطين وإرهاب الدولة الإسرائيلية، (د.ط)، دار مصر المحروسة، (د.ب.ن)، 2002، ص 17.
([82]) عصام مفلح، المرجع السابق، ص 156.
([83]) هيثم الكيلاني، الإرهاب يؤسس دولة (نموذج إسرائيل)، الطبعة الأولى، دار الشروق، القاهرة، 1997، ص 23.
([84]) حصدت الجرائم الّتي اقترفتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العام 2002 أرواح 1019 شخصان، فضلا عن إصابة ألاف آخرين بجراح، وكان بين الضحايا 178 طفل؛ أي ما نسبته 22.6% من مجموع الضحايا المدنيين الّذين وصل عددهم إلى 785 شخص، وقد سجل هذا العام ارتفاعا في عدد الضحايا المدنيين الّذين سقطوا على أيّدي قوات الاحتلال بنسبة 191% خلال عام 2002 مقارنة مع عام 2001، الذي سقط فيه 93 طفلاً، وتعكس هذه الأرقام التصعيد المطرد في استخدام القوّة المفرطة المفضية للموت من قبل قوات الاحتلال مقارنة بعام 2001.
([85]) Shmuel Bar, Israeli Experience in Deterring Terrorist Organizations, institute for policy and strategy, January 2007, p 2.
([86]) فقد استخدمت الطائرات الحربية المقاتلة من طراز (إف-16) والطائرات المروحية في تلك العمليات، وقصفت بها منشآت مدنية وشرطية بقنابل يصل وزنها إلى 2000 رطل.
([87]) راجع التقرير السنوي الصادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) 31 ديسمبر للعام 2002، المرجع السابق، ص 17- 18.
([88]) بدأت العملية العسكريّة الّتي أطلق عليها اسم “الدرع الواقي” في 29 مارس 2002 بالتوغل في مدينة رام الله، ثمّ اقتحام طولكرم وقليقلة بتاريخ 1/4/2002، وبيت لحم بتاريخ 2/4/2002، وجنين ونابلس بتاريخ 3/4/2002، وفي مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس اقترفت قوات الاحتلال جرائم واسعة النطاق راح ضحيتها عشرات المدنيين ودمرت المنازل السكنية. راجع التقرير السنوي الصادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان (PCHR) 31 ديسمبر للعام 2002، الطبعة الأولى، حقوق الطبع محفوظة للمركز غزة، نشر في أبريل 2003، ص 16.
([89]) عبد الرحمن أبو النصر، المرجع السابق، ص 142.
([90]) تقرير الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان حول الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني خلال عام 2006 وأثرها على أداء السلطة الفلسطينية، رام الله، 2007، ص 30.
([91]) أسفرت عن استشهاد (1285) فلسطينيا على الأغلب من بينهم (895) مدنيا و(281) طفلا و(111) امرأة وإصابة (4336) آخرين، وقد ازداد عدد شهداء غزة جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى (1328) والجرحى إلى (5450). للمزيد عن هذا الموضوع راجع: مجدي كامل، هولوكوست غزة-هيروشيما القرن الواحد والعشرين، الطبعة الأولى، دار الكتاب العربي، القاهرة- دمشق، 2010، ص 06.
([92]) نسيب لحود، الأبعاد الإقليمية للعدوان على غزة، محاضرة ألقيت في الندوة الّتي نظمها “برنامج الندوات حول السياسات العامة” في حركة التجدد الديمقراطي، 24 جانفي 2009، ص 01.
([93]) أبو أحمد فؤاد، « التطورات السياسية على الساحة الفلسطينية»، أبناء الوطن، العدد (44)، نشرة دورية تصدر عن الحركة الثقافية الاجتماعية، نوفمبر 2009، ص 06.
([94]) التقرير الاستراتيجي الفلسطيني لعام 2009، تحرير محسن محمد صالح، الطبعة الأولى، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، بيروت- لبنان، 2010، ص 107.
([95]) عبد الله موسى أبو عيد، العدوان المستمر على قطاع غزة: الجرائم وآليات المساءلة القانونية: دراسة في القانون الجنائي الدولي، بتاريخ 2 ديسمبر 2014، ص 02، للاطلاع على الدراسة موقع مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات:
http://www.alzaytouna.net/permalink/83340.html
([96]) تقرير غزة تقاوم تحت النار لليوم ال ـ26/1443 شهيداً و8350 جريحا، المرجع السابق، ص 02.
([97]) ملف معلومات رقم (22): العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عملية “العصف المأكول” – عملية “الجرف الصامد” 7/7/2014 – 26/8/2014، المرجع السابق، ص 76.
أنظر أيضا: تقرير بعنوان: «غزة تقاوم تحت النار لليوم الـ25/1395 شهيداً و8100 جريح»، المركز الفلسطيني للإعلام، نشر في 31 يوليو 2014.
([98])معتز قفيشه، فلسطين والمحكمة الجنائية الدولية ، منشور على الموقع التالي:
http://www.qanon.ps/news.php?action=view&id=17781
([99])أمينة حمدان،حماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين، 2009، ص95.
([100])ضاري خليل محمود وباسيل يوسف، المحكمة الجنائية الدولية هيمنة القانون أم قانون الهيمنة، منشأة المعارف، 2008، ص 241.
([101])ضاري خليل محمود وباسيل يوسف، المرجع السابق، ص 243.
([102]) فارس رجب مصطفى الكيلاني، المرجع السابق، ص 77.
([103]) رشاد توام، دبلوماسية التظلم والتشهير، القضاء الدولي في المقاومة السلمية:نحو نموذج فلسطيني، سياسات، العدد 20، 2012.
([104]) ليندة معمر يشوي، المحكمة الجنائية الدولية الدائمة واختصاصاتها، الطبعة الأولى، دار الثقافة، 2010، ص 235.
([105]) ناصر الريس، ” المساءلة الجنائية للإسرائيليين.”، تاريخ الزبارة 28/10/2013، منشورة على الموقع الإلكتروني: ،www.badil.org
([106])ياسر غازي علاونة، المرجع السابق، سلسلة تقارير قانونية (79)، ص17.
([107])فالنتينا أزاروف، ترسيخ الشرعية القانونية: “الأدوار التي تضطلع بها المحاكم الدولية في إنجاز استقلال دولة فلسطين”،معهد الحقوق، جامعة بيرزيت”البحث عن الدولة الفلسطينية الانعكاسات القانونية والسياسية والاقتصادية، رام الله، فلسطين 2011، ص24.
([108])تصريح الأمين العام للأمم المتحدة، نشر على الصفحة الأولى لجريدة القدس المقدسية بتاريخ 20/12/2012، http//www.alquds.com/pdfs/pdf تاريخ الزيارة 19/11/2013
([109]) فدوى الذويب الوعري، المرجع السابق، ص 30-31.
([110])بشارات، هالة خوري، القانون الدولي كأداة نضالية في يد الفلسطينيين في إسرائيل، مجلة جدل الإلكترونية، عدد 3، 10/5/2012، منشورة على موقع مدى الكرمل التالي:
mada-research.org. www
([111]) ليندة معمر يشوي، المرجع السابق، ص 235.
([112]) عمر محمود المخزومي، القانون الدولي الإنساني في ضوء المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الأولى، دار الثقافة، 2009، ص 351.
([113]) وائل أحمد علام، مركز الفرد في النظام القانوني للمسؤولية الدولية، دار النهضة العربية، القاهرة2001، ص86 .
([114]) مقال منشور في جريدة حق العودة-العدد 42 تحت عنوان “المساءلة الجنائية للإسرائيليين تاريخ الزيارة 22/11/2013على الموقع الالكتروني التالي:
http://www.badil.org/en/haq-alawda/item/1559-art-12
([115]) جيسيكا مونتال، لمحكمة الجنائية الدولية – أهي تهديد أم فرصة لإسرائيل وفلسطين؟ ، تاريخ النشر: 4 ديسمبر 2014، منشور على الموقع التالي:
https://www.opendemocracy.net/openglobalrights/jessica-
([116]) قد بينت محكمة العدل الدولية في الرأي الاستشاري الصادر عنها حول الآثار القانونية الناشئة عن تشيد الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة وجه النظر هذه بقولها ” حيث تنص المادة 51 من الميثاق بوجود حق طبيعي في الدفاع عن النفس في حالة شن دولة اعتداء مسلح على دولة أخرى، يبدوا أن إسرائيل لا تدعي أن الاعتداءات عليها يمكن أن تنسب إلى دولة أجنبية، ونلاحظ أيضا أن إسرائيل تمارس السيطرة في الأرض الفلسطينية المحتلة وان التهديد الذي يعتبر مبرر لتشيد الجدار ( العمليات الاستشهادية ) تنبع من داخل تلك الأرض وليس من خارجها”.